للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطيُّ في هذه الآية يحتمل معنيَيْن، أحدُهما: الدَّرْجُ الذي هو ضدُّ النشر، قال اللَّه تعالى: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} (١)، والثاني: الإخفاء والتعمية والمَحْو والطَّمس؛ لأنّ اللَّه تعالى يمحو رسومَها، ويُكدِّر نجومها، قال اللَّه تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} (٢)، وتقول العرب: اطْوِ عن فلان هذا الحديثَ؛ أي: اسْتُرْهُ وأَخْفِهِ.

ثم ابتَدأَ واستأنف الكلامَ، فقال تعالى: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} يريد: كما بدَأْناهم في بطون أُمّهاتِهم حُفاةً عُراةً غُرْلًا، كذلك نُعيدهم يومَ القيامة، نظيرُه قولُه تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} (٣)، وقوله تعالى: {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} (٤)، وهذا قول أكثر العلماء (٥).

وقيل: معناه: كما بدَأْناه من الماء نُعيدُه من التراب، وقال الزَّجّاج (٦):


= التخريج: مجاز القرآن ٢/ ٢٢٩، جمهرة اللغة ص ٤٧٥، معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٧١، تهذيب اللغة ١٠/ ٥٨٦، الكشف والبيان ٥/ ١٨٤، ٦/ ٣١٢، التذكرة الحمدونية ٣/ ٤٤٣، مجمع الأمثال ٢/ ٤٢٢، شمس العلوم ٥/ ٢٩٨٩، ٩/ ٥٧٩٩، عين المعاني ورقة ٨٤/ ب، تفسير القرطبي ٩/ ٨٢، ٣٤٧، اللسان: سجل، شرح شواهد الشافية ص ٦٥، التاج: كرب، خضر، سجل.
(١) الزمر ٦٧.
(٢) التكوير ١، ٢، وهذان المعنيان ذكرهما الثعلبي في الكشف والبيان ٦/ ٣١٢، والقرطبي في تفسيره ١١/ ٣٤٧، ٣٤٨.
(٣) الأنعام ٩٤.
(٤) الكهف ٤٨.
(٥) ينظر: تفسير مجاهد ١/ ٤١٧، جامع البيان ١٧/ ١٣٣، ١٣٤، تفسير القرطبي ١١/ ٣٤٨.
(٦) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٤٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>