للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَفِيِّ الذي يَصِلُ مَفْهُومُهُ إلَى القَلْبِ من غير سَماع، و {الَّذِي} في موضع خفض على النعت، ويجوز الرفع على إضمار مبتدأً، والنصبُ على الذَّمِّ (١).

قوله: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)} يقال: جِنِّيٌّ وَجِنٌّ وَجِنّةٌ، والهاء لتأنيث الجماعة مثل: حِجارٍ وَحِجارةٍ (٢)، وقيل: أراد: من الجِنِّ، فجاء بالهاء للمبالغة والتفخيم مثل: عَلّامةٍ وَفَهّامةٍ، قاله الخليل (٣)، والمعنى: وفي صُدُورِ الجِنّةِ يُوَسْوِسُ أيضًا، يَدْخُلُ فِي الجِنِّيِّ كما يَدْخُلُ فِي الإنْسِيِّ، قاله الكَلْبِيُّ.

وقيل (٤): عطف قوله: {وَالنَّاسِ} على {الْوَسْوَاسِ}، المعنى: مِنْ شَرِّ الوَسْواسِ وَمِنْ شَرِّ النّاسِ (٥)، كأنه أُمِرَ أنْ يَسْتَعِيذَ من شَرِّ الجِنِّ والإنْسِ، ولا يجوز عطفه على الجِنّةِ؛ لأن الناس لا يُوَسْوِسُونَ فِي صُدُورِ النّاسِ، إنَّما يُوَسْوِسُ الْجِنُّ (٦)، فلما استحال المعنى حَمَلْتَهُ على العطف على الوَسْواسِ.


(١) هذه الأوجه الإعرابية قالها النحاس في إعراب القرآن ٥/ ٣١٦، وينظر: الفريد للهمدانِيِّ ٤/ ٧٥٥.
(٢) قاله الأخفش والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للأخفش ص ٥٥٠، إعراب القرآن ٥/ ٣١٦، وقال الجوهري: "الحَجَرُ جَمْعُهُ في القِلّةِ أحْجارٌ، وفي الكثرة حِجارٌ وَحِجارةٌ، كقولك: جَمَلٌ وَجِمالةٌ، وَذَكَرٌ وَذِكارةٌ". الصحاح ٢/ ٦٢٣، وينظر: اللسان: حجر.
(٣) الجمل المنسوب للخليل ص ٢٦٨، ٢٦٩.
(٤) هذا القول حكاه النحاس عن عَلِيِّ بن سليمان الأخفشِ الصغيرِ في إعراب القرآن ٥/ ٣١٦، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٥١٢.
(٥) في الأصل: "ومن شر الوسواس".
(٦) وذهب الأخفش إلى أن الآية محمولة على التقديم والتأخير، فقال: "وقوله: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} يريد: مِنْ شَرِّ الوَسْواسِ مِنَ الجِنّةِ والنّاسِ". معانِي القرآن ص ٥٥٠، وحكاه عنه ابن جني في الخصائص ٢/ ٤١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>