للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمقامعَ فهَوَوْا فيها سبعين خريفًا، فإذا انتَهوا إلى أسفلها ضَرَبهم زَفيرُ لهبِها، فلا يستقرُّون ساعةً، فذلك قولُه تعالى: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا} يعني: كلما حاوَلوا الخروجَ من النار، لِما يَلْحَقُهُمْ من الغمِّ والكَرْب الذي يأخُذ بأنفاسِهم، رُدُّوا إليها بالمقامع، ويقول لهم خَزَنة النار: {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (٢٢)} والحريق: اسمٌ من الاحتراق.

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا} يعني: في الجِنان {مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} وهي: جمعُ سِوار. {وَلُؤْلُؤًا}: قَرأَ أهلُ المدينة وعاصمٌ الجَحْدري (١) هاهنا وفي سورة الملائكة: {وَلُؤْلُؤًا}، (٢) بالنَّصب على معنى: ويُحَلَّوْنَ لؤلؤًا، واستدَلُّوا بأنها مكتوبةٌ في جميع المصاحف بالألف هاهنا، وقَرأَ الباقون بالخفض: عطفًا على الذهب، ثم اختلفوا في وجهِ إثبات الألف، فقال أبو عَمْرو (٣): أُثبِتت فيه كما أُثبِتت في: قالوا وكالوا. وقال الكِسائي (٤): أثبتوها فيه للهمزة؛ لأنّ الهمزةَ حرفٌ من الحروف، وأمّا يعقوبُ فإنه قَرأَها هاهنا بالنصب، وفي "فاطر": بالخفض رجوعًا إلى المصحف؛ لأنه كُتِبَ في جميع المصاحف هاهنا بالألف وهناك بغير ألف، وأبو بكرٍ يترُك الهمزةَ الأولى من


(١) عاصم بن العجاج الجحدري أبو المجشر البصري، قرأ على يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم، وروى عن أبي بكرة وعمر بن عبد العزيز، روى عنه هارون النحوي وغيره، وكان ثقة من عباد البصرة وقرائهم، توفِّي سنة (١٢٩ هـ). [غاية النهاية ١/ ٣٤٩، لسان الميزان ٣/ ٢٢٠، إكمال الكمال ٧/ ٢١٢، ٢١٣].
(٢) فاطر ٣٣.
(٣) ينظر قوله في جامع البيان ١٧/ ١٧٨، الكشف والبيان ٧/ ١٥، البرهان للزركشي ١/ ٣٨٤.
(٤) ينظر قوله في جامع البيان ١٧/ ١٧٨، الكشف والبيان ٧/ ١٥، البرهان للزركشي ١/ ٣٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>