للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَخَلَ الجَنّةَ ثم قرأ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} إلى عَشْرِ آياتٍ (١).

ثم وصفهم فقال: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} محَلُّ {الَّذِينَ}: رفعٌ على النَّعت للمؤمنين، وإن شئتَ قلت: هو رفعٌ على الابتداء، وإن شئت قلت: محَلُّه نصبٌ على المدح، وما بعدَه ظاهرُ التفسير.

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥)} قال اللَّيث (٢): الفَرْجُ: اسمٌ يَجْمَعُ سَوْآتِ الرجال والنساء، فالقُبُلَانِ وما حَوالَيْهِما كُلُّهُ فَرْجٌ (٣). والمراد بالفَرْجِ هاهنا: فُرُوجُ الرجال خاصةً، قال الكلبيُّ: يعني: يَعَفُّونَ عما لا يَحِلُّ لهم.

{إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} "عَلَى" هاهنا: بمعنى "مِنْ" في قول الفَرّاء (٤)؛ أي: إلّا من أزواجهم {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} و"ما": في مَحَلِّ الخفض، يعنِي: أو مِنْ ما مَلَكت أَيْمانهم {فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦)} على إتيانِ نسائهم وإمائهم.

وقوله: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ}؛ أي: فمن طلب سوى ذلك {فَأُولَئِكَ


(١) رواه الإمام أحمد في المسند ١/ ٣٤، والترمذيُّ في سننه ٥/ ٨ أبواب التفسير/ سورة المؤمنين، والحاكمُ في المستدرك ١/ ٥٣٥ كتاب الدعاء/ باب رفع اليدين عند الدعاء، ٢/ ٣٩٢ كتاب التفسير/ سورة المؤمنون.
(٢) الليث بن المظفر بن نصر بن يسار الخراساني اللغوي، صاحِبُ الخليلِ، كان فقيهًا زاهدًا، اجتهد المأمون أن يوليه القضاء فَأَبَى، ذكره الأزهري في تهذيب اللغة في ذِكْرِ أَقْوامٍ تَسَمُّعُوا بمعرفة اللغة وأَلَّفُوا كُتُبًا أو ادَّعَوْها، وقال: إنه نحل الخليلَ تأليف كتاب العين. [فهرست ابن النديم ص ٤٨، ٤٩، لسان الميزان ٤/ ٤٩٤].
(٣) قول الليث في تهذيب اللغة ١١/ ٤٤، الوسيط للواحدي ٣/ ٢٨٤، اللسان: فرج.
(٤) معاني القرآن ٢/ ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>