للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذلك قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ}، فإذا كان عندَ خروج يأجوجَ ومأجوجَ أرسَل اللَّه جِبريل، فرَفَعَ من الأرض القرآنَ، والعِلْمَ كُلَّهُ، والحَجَرَ الأسودَ من ركن البيت، ومَقامَ إبراهيمَ، وتابوتَ موسى بما فيه، وهذه الأنهارَ الخمسةَ، فيرفع كلَّ ذلك إلى السماء، فذلك قوله تعالى: {وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ}، فإذا رُفِعَتْ هذه الأشياء فَقَدَ أهلُها خيرَ الدِّين والدنيا" (١).

ثم ذكر اللَّه تعالى ما أنبت بما أنزل من السماء، فقال: {فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (١٩) وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ} يعني: وأنشأنا لكم ايضًا شجرةً، وهي الزيتون، ويقال (٢): إن الزيتونَ أولُ شجرةٍ نبتت في الدنيا بعد الطُّوفان.

و"سَيْناءُ" كان حقُّه أن ينصرفَ كما ينصرفُ عِلْباءٌ وحِرْباءٌ، لكنّه اسمٌ لبقعةٍ أو لأرض، وهو معرفةٌ فلم ينصرفْ للمعرفة والتأنيث (٣)، وقال


(١) رواه ابن حبان في كتاب المجروحين ٣/ ٣٤، وابن عدي في الكامل في الضعفاء ٦/ ٣١٥، وقال: "إنه منكر المتن"، وينظر: القرطبي ١٢/ ١١٣، الدر المنثور ٥/ ٨، كشف الخفاء ١/ ٤٦٥، ٤٦٦
(٢) ينظر: الكشف والبيان ٧/ ٤٤.
(٣) قوله: "كانَ حَقُّهُ أَنْ يَنْصَرِفَ" إنما يكون صحيحًا لو قال: "سِيناءُ" بكسر السين؛ لأن "سَيْناءَ" بفتح السين ممنوعٌ من الصرف مطلقًا معرفةً كان أو نكرة؛ لأنَّهُ على وزن "فَعْلَاء"، فهو كحَمْراءَ، مُنِعَ من الصرف لأَلِفِ التأنيث الممدودة، ولكن تمثيل المؤلف بعِلْباءٍ وحِرْباءٍ يدل على أنه يريد "سِيناءَ" بكسر السين، ووزنه "فِعْلَالٌ"، ويكون اسمًا ملحقًا بسِرْداحٍ كعِلْباءٍ وحِرْباءٍ، ولكنه في هذه الحالة مُنِعَ الصَّرْفَ أيضًا للعلمية والتأنيث أو للعلمية والعجمة، ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٠، إعراب القرآن ٣/ ١١٢، ١١٣، الحجة للفارسي ٣/ ١٧٨، مشكل إعراب القرآن ٢/ ١٠٤، ١٠٥، الكشاف ٣/ ٢٩، البيان للأنباري ٢/ ١٨٢، التبيان للعكبري ص ٩٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>