للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ}؛ أي: عندَهم {فَرِحُونَ (٥٣) أي: راضون يرَوْنَ أنهم على الحق.

قوله تعالى: {أُولَئِكَ} يعني: الذين هم من خَشْية ربِّهم مُشفِقون، وما بعدها من الآيات {يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ}؛ أي: يبادرون في الأعمال الصالحة {وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (٦١)} يعني: وهم إليها سابقون، قاله الفَرّاءُ (١) والزَّجّاج (٢) كقوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} (٣) و {لِمَا نُهُوا عَنْهُ} (٤) ونحوهما.

قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ} يعني: القرآن {فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (٦٦)} تتأخَّرون عن الإيمان {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ} الكنايةُ تعود إلى البيتِ أو الحَرَمِ أو البلدِ مكةَ في قول الجميع، وهو كنايةٌ عن غيرِ مذكور، والمعنى: مستكبِرينَ بالبيتِ والحَرَمِ؛ لأَمْنِهِمْ فيه معَ خوفِ سائرِ الناس في مواطنِهم، يقولون: نحن أهلُ الحرم فلا نخاف.

وقوله: {سَامِرًا تَهْجُرُونَ (٦٧)} يجوز أن يكونَ من الهِجْرانِ، والمعنى: تَهْجُرُونَ القرآنَ وترفضونه ولا تلتفتون إليه ولا تنقادون له، ويجوزُ أن يكونَ من الهُجْرِ، وهو: القولُ القبيح (٥)، يقال: هَجَرَ يَهْجُرُ هُجْرًا (٦): إذا قال غيرَ


(١) معاني القرآن ٢/ ٢٣٨.
(٢) معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٧.
(٣) المجادلة ٣.
(٤) المجادلة ٨.
(٥) ينظر في هذا المعنى: معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٣٩، معاني القراءات ٢/ ١٩٢، ١٩٣، الحجة للفارسي ٣/ ١٨٤.
(٦) الذي ورد في المعاجم في هذا المعنى: أَهْجَرَ يُهْجِرُ إِهْجارًا وهُجْرًا، فالإهْجارُ مصدر، والهُجْرُ: اسم مصدر، ينظر: "التهذيب" ٦/ ٤١، الصحاح ٢/ ٨٥١، اللسان: هجر، وهذا ما سيذكره المؤلف نفسه بعد قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>