للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أهل المعاني (١): الاستئناس: الاستعلام، يقال: آنَسْتُ منه كذا؛ أي: عَلِمْتُ، والمعنى: حتى تستعلِموا وتنظروا وتتعرَّفوا، {وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} وهو أن يقول: السلامُ عليكم، أأدْخُلُ؟ ولا يجوز دخولُ الإنسان بيتَ غيرِهِ إلا بالاستئذان لهذه الآية، {ذَلِكُمْ} يعني: الاستئذان {خَيْرٌ لَكُمْ}؛ أي: أفضلُ من أن تدخُلوا بغير إذْنٍ {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٢٧) أي: لكي تعلَموا أنّ الاستئذانَ خيرٌ لكم فتأُخذوا به.

قال عطاءٌ: قلتُ لابن عباس: أَستَأْذِنُ على أُمِّي وأُختي ونحن في بيتٍ واحد؟ قال: أَيَسُركَ أن ترى منهنَّ عورةً؟ قلتُ: لا، قال: فاسْتَأْذِنْ (٢).

قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ (٣٠) أي: يَكُفُّوا، وقيل: ينقصوا من أبصارهم عن النظر إلى ما لا يجوز، يقال: غَضَّ منه: إذا نَقَصَ، ومنه قوله تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} (٣)؛ أي: انقص منه، قال الشاعر:

٣٨ - فَغُضَّ الطَّزفَ إِنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ... فلا كَعْبًا بَلَغْتَ وَلا كِلابا (٤)


(١) ينظر: معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٤٩، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٣٠٣، معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٣٩، معاني القرآن للنحاس ٤/ ٥١٧.
(٢) ينظر: العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد ٢/ ٢٤٩، زاد المسير ٦/ ٢٨، فتح الباري ١١/ ٢١، وقد روى الإمام مالك عن عطاء، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سأله رجل فقال: يا رسول اللَّه: أَسْتَأْذِنُ على أُمِّي؟ فقال: "نعم"، قال الرجل: إني معها في البيت، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اسْتَأْذِنْ عليها"، فقال الرجل: إني خادمها، فقال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اسْتَأْذِن عليها، أَتُحِبُّ أن تراها عريانةً"؟، قال: لا، قال: "فاسْتَأْذِنْ إِذَنْ عَلَيْها". الموطأ ٢/ ٩٦٣ كتاب الاستئذان/ باب الاستئذان، وينظر: السنن الكبرى للبيهقي ٧/ ٩٧ كتاب النكاح/ باب "كيف الاستئذان".
(٣) لقمان ١٩.
(٤) البيت من الوافر، لجرير يهجو الراعي النميري.
التخريج: ديوانه ص ٨٢١، الكتاب ٣/ ٥٣٣، الكامل ١/ ٣٤٠، المقتضب ١/ ٣٢١، =

<<  <  ج: ص:  >  >>