للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ}؛ أي: ويُسبِّح له الطيرُ صافاتٍ، أي: باسطاتٍ أجنحتَهُنَّ في الهواء، وهو في موضع نَصْبٍ على الحال، وإنما خَصَّ الطيرَ بالذِّكر من جملة الحيَوان؛ لأنها تكونُ بينَ السّماءِ والأرض، فهي خارجةٌ عن جُمْلةِ مَن في السماوات والأرض (١).

وقوله: {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ (٤١)} قال المفسِّرون: الصّلاةُ لبني آدم، والتسبيحُ عامٌّ لغيرهم من الخلق.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا}؛ أي: يَسُوقُ سحابًا إلى حيث يريد {ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ}؛ أي: يَجمَع بين قِطَعِ السحاب المتفرِّقة بعضِها إلى بعض، والسّحابُ جَمْعٌ، وإنما ذَكَّرَ الكنايةَ على اللفظ (٢).

فإن قيل: "بَيْنَ" لا يقَعُ إلّا لاثنَيْنِ فصاعدًا، فكيف جاء {بَيْنَهُ}؟ فالجوابُ أنّ {بَيْنَهُ} هاهنا لجماعة السحاب، كما تقول: الشَّجرُ حَسَنٌ وقد جلستُ بينَه. وفيه جوابٌ آخَر، وهو أن يكونَ السحابُ واحدًا، فجاز أن يقال: {بَيْنَهُ}؛ لأنه مشتملٌ على قِطَعٍ كثيرةٍ، كما قال الشاعر:

٤٦ -. . . . . . بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ (٣)


(١) قاله الواحدي في الوسيط ٣/ ٣٢٣.
(٢) قاله الأخفش في معاني القرآن ص ١٠٥.
(٣) هذه قطعة من بيت من الطويل، لامرئ القيس، وهو مطلع معلقته، وهو بتمامه:
قِفا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبيبٍ وَمَنْزِلِ... بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ
ويُرْوَى في بعض المصادر: "وَحَوْمَلِ" بالواو كَرواية الأصمعي الآتيةِ بَعْدُ.
اللغة: اللِّوَى: ما الْتَوَى من الرمل أو هو منقطع الرمل، الدَّخُولُ وحَوْمَلُ: أماكن بعينها.
التخريج: ديوانه ص ٨، الكتاب ٤/ ٢٠٥، الكامل للمبرد ١/ ٢٥٠، مجالس ثعلب ص ١٠٤، مجالس العلماء ص ١٥٧، إعراب القرآن للنحاس ٣/ ١٤١، ٤/ ٣٧، المحتسب =

<<  <  ج: ص:  >  >>