للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدهرُ، بِيَدِي الأمرُ، أقلِّبُ الليلَ والنهار" (١). {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ}.

قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ} يعني: كلَّ حيَوانٍ يُشاهَدُ في الدنيا، ولا يدخُل الملائكةُ والجنُّ في هذا؛ لأنا لا نشاهدُهم. وهذه قراءةُ العامة، وقَرأَ حمزةُ والكسائي (٢): {وَاللَّهُ خَلَقَ} على وزن فاعِل {كُلَّ دَابَّةٍ} بخَفْض {كُلَّ} على الإضافة.

وقوله: {مِنْ مَاءٍ}؛ أي: من نُطفةٍ {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ} كالحيّات والهوامِّ والحيتان {وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ} كالإنسان والطير {وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ (٤٥)} كالبهائم والأنعام، قال المبرّد (٣): قوله: {كُلَّ دَابَّةٍ} يريدُ: الناسَ وغيرَهم، وإذا اختَلطَ النوعانِ حُمِلَ الكلامُ على الأغلب، ولذلك قال: {مِنْ} لغيرِ ما يَعقِل.

وقال طاهر بن أحمدَ في شرح الجُمَل (٤): فإنه لمّا وقَع في الآية عمومٌ تَناوَلَ مَنْ يَعْقِلُ وما لا يعقل [غُلِّبَ من يعقل] (٥).

وقال موسى بن أحمدَ (٦) في شرح اللُّمَع: {مِنْ} بفتح الميم: اسمٌ


(١) رواه البخاري في صحيحه ٦/ ٤١ كتاب التفسير: سورة الجاثية، ٨/ ١٩٧ كتاب التوحيد، ورواه مسلم في صحيحه ٧/ ٤٥ كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها: باب النهي عن سب الدهر.
(٢) وهذه أيضًا قراءة ابن مسعود والأعمش وابن وثاب وخلف، ينظر: السبعة ص ٤٥٧، إعراب القراءات السبع ٢/ ١١٠، ١١١، حجة القراءات ص ٥٠٢، تفسير القرطبي ١٢/ ٢٩١، البحر المحيط ٦/ ٤٢٧، الإتحاف ٢/ ٣٠٠.
(٣) المقتضب ٢/ ٤٩، ٥٠، الكامل في اللغة والأدب ٢/ ٢٧٦.
(٤) شرح جمل الزجاجي ١/ ٣٨.
(٥) زيادة يقتضيها السياق.
(٦) هو: موسى بن أحمد بن يوسف التباعي اليمني الفقيه الشافعي، أبو عمران الوُصابِيُّ، =

<<  <  ج: ص:  >  >>