للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و {تَبَارَكَ}: "تَفاعَلَ" من البركة، ومعناه: تَعالَى وجاء بكل بَرَكةٍ، وقيل: تَعَظَّمَ، وقيل: تَمَجَّدَ، وقيل: ثبت ودام بما لم يَزَلْ ولا يزال.

واشتقاقه من "بَرَكَ الشيءُ": إذا ثَبَتَ، ومنه: بَرَكَ الجملُ، وأصل البركة النماءُ والزيادةُ (١).

وقوله: {الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ} يعني: القرآنَ الذي فَرَّقَ اللَّهُ به بين الحَقِّ والباطلِ، والمؤمنِ والكافرِ، و {الَّذِي} فِي موضع رفع بفعله.

وقوله: {لِيَكُونَ} يعني: محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- بالقرآن {لِلْعَالَمِينَ} يعني: الجنَّ والإنس {نَذِيرًا (١)} مُخَوِّفًا من عذاب اللَّه.

ثم عَظَّمَ نفسَه فقال: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} لا يشاركه فِي مُلْكِهِ أَحَدٌ و {الَّذِي}: فِي محل الرفع نعتٌ لـ {الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ} (٢)، {وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا} كما زَعَمت اليهود والنصارى والمشركون، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} يشاركه فيما خلق، {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (٢)} هَداهُ لِما يَصْلُحُ له وسَوّاهُ، قال المفسرون: قَدَّر له من الأجل والمرزق، فجَرَتِ المقاديرُ على ما خلق.

وقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا}؛ أي: ما هذا القرآنُ {إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ} محمدٌ، اخْتَلَقَهُ من تلقاء نفسه، {وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ}؛ أي: أعان محمدًا على هذا القرآنِ: عَدّاسٌ مَوْلَى حُوَيْطِبِ بنِ عبدِ العُزَّى وَيَسارٌ غلامُ الحضرميُّ وجَبْرٌ مولى ابنِ عامر، وكانوا من أهل الكتاب، قال اللَّه تعالى: {فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا


(١) ينظر: إعراب القرآن ٣/ ١٥١، تهذيب اللغة ١٠/ ٢٣١، الكشف والبيان ٧/ ١٢٣.
(٢) ويجوز أن يكون بدلًا منه، ويجوز أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوفٍ؛ أي: هو الذي، ويجوز أن يكون في محل نصب على المدح، ينظر: التبيان للعكبري ص ٩٨٥، الفريد للهمداني ٣/ ٦٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>