للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النهار يومَ القيامة حتى يستقرَّ أهلُ الجنة في الجنة، وأهلُ النار في النار، فتجيءُ القائلةُ وقد فُرِغَ من الأمر، فيَقِيلُ أهلُ الجنة في الجنة، وأهلُ النار في النار، وهما منصوبان على التفسير.

قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ}؛ أي: عن الغمام، والباء و"عَنْ" يتعاقَبانِ كما يقال: رَمَيْتُ بِالقَوْسِ وعنِ القَوْسِ بمعنًى واحد (١)، وقيل (٢): الباءُ للتعدِية؛ أي: تُشَقِّقُ السماءُ الغمامَ: تُهْوِيها إلى الأرض، وقال أبو عليٍّ الفارسي (٣): تَشقَّق السماءُ وعليها غمام، كما تقول: ركب الأمير بسلاحه وخرج بثيابه؛ أي: وعليه سلاحُه وثيابه.

وإنما تنشقُّ السماء بنزول الملائكة، وذلك قولُه تعالى: {وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (٢٥)}، و {ويَوْمَ تَشَقَّقُ}: عطفٌ على قوله: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ}، واختلف القُرّاءُ فِي قوله: {تَشَقَّقُ} فقرأ أبو عَمْرو وأهلُ الكوفة بتخفيف الشِّين على الحَذْفِ وتَرْكِ الإدغام والتخفيف، هاهنا وفي سورة {ق} (٤)، وقَرأ الآخَرون بالتشديد فيها، وأدغَموا التاءَ في الشين، على معنى: تَتَشَقَّقُ.


(١) هذا مذهب الكوفيين والأخفش وابن قتيبة، وهو أن حروف الخفض ينوب بعضها عن بعض، ينظر: معاني القرآن للفرَّاء ٢/ ٢٦٧، معاني القرآن للأخفش ص ٤٦، أدب الكاتب ص ٣٩٧، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٣١٢.
(٢) قاله السجاوندي في عين المعاني ٩٢/ ب.
(٣) ينظر قوله في الوسيط للواحدي ٣/ ٣٣٨.
(٤) يعني قوله تعالى: {يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا} ق ٤٤، قرأ بالتخفيف هنا وفي سورة ق أبو عمرو وعاصمٌ وحمزةُ والكسائيُّ وخَلَفٌ والأعمشُ واليزيديُّ، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب بتشديد الشين فيهما، ينظر: السبعة ص ٤٦٤، إعراب القراءات السبع ٢/ ١١٩، البحر المحيط ٦/ ٤٥٣، الإتحاف ٢/ ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>