للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآجُرِّ والخشب. قال الكَلْبيُّ (١): أصحابُ الرَّسِّ أُرْسِلَ إليهم نَبِيٌّ فأكلوه، وهم أولُ من عَمِلَ نساؤُهم بالسحر.

وقال السُّدِّيُّ: الرَّسّ: بئرٌ بأنطاكيةَ قتَلوا فيها حَبِيبًا النجارَ فنُسِبُوا إليها، وهذا قولُ ابن عباس، قال: سألتُ كَعْبًا عن أصحاب الرّسَّ فقال: هم الذين قَتلوا صاحبَ يَس الذي قال: {يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} (٢)، وَرَسُّوهُ فِي بئرٍ لهم يقال لها: الرَّسُّ؛ أي: دَسُّوْهُ فيها.

وقال وَهبٌ: كانوا أهلَ بئرٍ نُزُولًا عليها وأصحابَ مَواشٍ، فكَذَّبُوا شُعَيْبًا فانهارت البئرُ بهم وبمنازلِهم، فهَلَكوا جميعًا.

قوله: {وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ}؛ أي: بيَّنّا لهم أنّ العذابَ نازِلٌ بهم {وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (٣٩) أي: أهلَكْنا بالعذاب إهلاكًا، وكلُّ شيءٍ كَسَّرْتَهُ وفتَّتَّهُ فقد تَبَّرْتَهُ، و {كُلًّا}: مفعولٌ مقدَّم، والتقدير: ضربنا كُلًّا، وتبّرنا كلًّا (٣).

قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْكَ} يا محمّدُ {إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا}، ثم ذكر ما يقولون من الاستهزاء، فقال تعالى: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (٤١)}؟ استفهامُ إنكارٍ، وأراد: بَعَثَهُ اللَّهُ إلينا رسولًا، ومتى كان العائدُ متّصلًا بفعل وهو مفعول، جاز إثباتُه وحذفه، مثلَ: أَعْجَبَ زيدًا ما كَرِهَ عَمْرٌو وما كَرِهَهُ عَمْرٌو، ومتى كان العائدُ متّصلًا بحرف جَرٍّ أو باسمٍ، لم يَحسُن حذفه مثلَ قولك:


(١) ينظر: عين المعاني ورقة ٩٢/ ب.
(٢) يَس ٢٠.
(٣) {كُلا} الأول مفعول بفعل مضمر؛ أي: وأنذرنا كُلًّا ضربنا له الأمثال، قاله مَكِّيٌّ في المشكل ٢/ ١٣٣، وقال المنتجب الهمداني: "وأما {كُلًّا تَبَّرْنَا} فمنصوب بـ {تَبَّرْنَا} ليس إلا؛ لأنه فارغ له عارٍ عن ضميره". الفريد للهمداني ٣/ ٦٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>