للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء حَذَّروا من ذلك، يقول النَّحّاس (١): "والسلامة من هذا عند أهل الدِّين إذا صحَّت القراءتان عن الجماعة ألّا يقال: إحداهما أجوَدُ من الأخرى؛ لأنهما جميعًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيأثَم من قال ذلك، وقد كان رؤساء الصَّحابة -رحمهم اللَّه- ينكرون مثل هذا".

وقال النَّحّاس أيضًا (٢): "الدِّيانة تحظُر الطعن على القراءة التي قرأ بها الجماعة، ولا يجوز أن تكون مأخوذةً إلّا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-".

وقد أورد الزَّرْكَشي والسُّيوطي وغيرُهما كلام العلماء في هذا الأمر (٣).

ومن أمثلة ما فاضَلَ فيه الجِبْلِيُّ بَيْنَ قراءات صحيحة:

١ - في قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا} (٤)، قال الجِبْلي (٥): "قرأ أهل الكوفة إلّا عاصمًا: بكسر السين في الموضعَيْنِ، على معنى الاسم، مثلَ: المجلِس والمطلِع، أي: مَذْبَحًا، وهو موضعُ القُربان، وقرأ الباقون بالفتح فيهما على المصدر، مثلَ: المَدْخَلِ والمَخْرَجِ، وهو إهْراقُ الدّماء وذَبْحُ القَرابِين، والفتحُ أَوْلى؛ لأنّ المصدر من هذا الباب بفتح العين، يقال: نَسَكَ يَنْسُكُ: إذا ذَبَحَ القُرْبانَ".

٢ - في قوله تعالى: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ} (٦)، قال الجِبْلي (٧): "قرأ أبو عبد الوحمن السُّلَميُّ وأبو جعفرٍ وحُمَيدٌ الأعرجُ والكِسائيُّ، ويعقوبُ


(١) إعراب القرآن ٥/ ٦٢.
(٢) المصدر السابق ٥/ ٢٣١.
(٣) ينظر: البرهان للزركشي ١/ ٣٤٠، الإتقان للسيوطي ١/ ١٠٩، وينظر: البحث اللغوي عند العرب للدكتور أحمد مختار عمر ص ٢٢.
(٤) الحج ٣٤.
(٥) البستان ١/ ٢٤٨.
(٦) النمل ٢٥.
(٧) البستان ١/ ٤٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>