للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه السّلام لصاحب العرش: قد رَأَيْتُكَ تُرَجِّعُ بِشَفَتَيْكَ، فما قُلْتَ؟ قال: قلت: يا إلهي وإلَه كلِّ شيء إلهًا واحدًا لا إله إلا أنتَ، ائْتِ به.

قوله تعالى: {وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ}؛ أي: منعها الإيمانَ والتوحيدَ الذي كانت تعبد من دون اللَّه، وهو الشمس، قال الفراء (١): معنى الكلام: وصَدَّها من أن تعبد اللَّهَ ما كانت تعبد من دون اللَّه.

و"ما" في محل الرَّفع على هذا القول؛ لأنَّهُ فاعل، وفعله: {صَدَّها}. وقال بعضهم (٢): يحتمل أن يكون نصبًا بنزع الصفة تقديره: وصدها سليمانُ عَمّا كانت تعبد من دون اللَّه؛ أي: مَنَعَها، وحالَ بينها وبينه. ولو قيل: وصَدَّها اللَّهُ ذلك بتوفيقها للإسلام، لكان وجهًا صحيحًا (٣). فعلى هذين التأويلَيْن يكون محل "ما" نصبًا.

وقوله: {إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ (٤٣)} استئناف، أخبر اللَّه تعالى أنها كانت من قوم يعبدون الشمس، فنشأت فيما بينَهم، وقُرِئَ: {إِنَّهَا} بالكسر والفتح (٤)، فمَنْ كَسَرَها فعلى الاستئناف، ومن فتحها فعلى معنى: "لأنَّها" (٥).


(١) معاني القرآن ٢/ ٢٩٥.
(٢) قاله الفرَّاء أيضًا، وعليه فالفاعل: ضمير سليمان أو: ضمير اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وشَبَّهَهُ النَّحاسُ بما أنشده سيبويه من قول الشاعر:
ونُبِّئْتُ عَبْدَ اللَّهِ بالْجَوِّ أَصْبَحَتْ... كِرامًا مَوالِيها لَئِيمًا صَمِيمُها
أي: نبئت عن عبد اللَّه، يَنظر: إعراب القرآن للنَّحاس ٣/ ٢١٣، وينظر أيضًا: إيضاح الوقف والابتداء ص ٨١٧، مشكل إعراب القرآن ٢/ ١٤٩، الكشاف ٣/ ١٥٠.
(٣) قاله الطبري في جامع البيان ١٩/ ٢٠٤.
(٤) قرأ سعيد بن جبير وابنُ أَبِي عبلة: {إِنَّهَا} بالفتح، ينظر: تفسير القرطبي ١٣/ ٢٠٨، البحر المحيط ٧/ ٧٥.
(٥) يعني أنه منصوب على نزع الخافض، ويجوز أن يكون الفتح على البدل من "ما" إذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>