للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقام إليه رجلٌ فقال: يا رسول اللَّه! إِنِّي رجل حُبِّبَ إِلَيَّ صَوْتٌ حَسَنٌ، فهل فِي الجنة صَوْتٌ حَسَنٌ؟، فقال: "إِي والذي نفسي بيده، إن اللَّهَ -سبحانه وتعالى- لَيُوحِي إلى شجرةٍ فِي الجنة أن أَسْمِعِي عبادي الذين اشتغلوا بعبادتِي وذكري عن عزف البَرابِطِ (١) والمزامير، فتَرْفَعُ صَوْتًا لم يسمع الخلائق مثله قَطُّ، فِي تسبيح الرب وتقديسه" (٢).

وعن أبي الدرداء -رضي اللَّه عنه- قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُذَكِّرُ الناسَ الجنةَ وما فيها من الأزواج والنِّعم، وفي آخر القوم أعرابِيٌّ، فجَثا على ركبتيه، وقال: يا رسول اللَّه: هل في الجنة سماع؟ قال: "نعم يا أعرابِيُّ، إن في الجنة لَنهرًا حافَتاهُ الأبكار من كل بيضاءَ خُوطانِيّةٍ، يَتَغَنَّيْنَ بأصوات لم يسمع الخلائقُ بمثلها قط، فذلك أفضلُ نعيمِ أَهْلِ الجنة" (٣). والخُوطانِيّةُ: المُرْهَفةُ الأعلى، الضخمةُ الأَسْفل.

وقيل (٤): إن في الجنة لَأَشْجارًا عليها أَخْراصٌ (٥) من فِضّةٍ، فإذا أراد أهل الجنة السماعَ بعث اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- ريحًا من تحت العرش، فتقع على تلك الأشجار، فتُحَرِّكُ تلك الأخراصَ بأصوات لو سمعها أهل الدنيا لَماتُوا طَرَبًا".


(١) البَرابطُ: جمع بَرْبَطٍ، وهو العود من آلات الملاهي، وهو مُعَرَّب بِرْبِط، فارسي معناه صَدْرُ الإِوَزِّ لأن الضارب به يضعه على صدره. النهاية لابن الأثير ١/ ١١٢، اللسان: بربط.
(٢) ينظر: مجمع البيان ٨/ ٥١، الدر المنثور ٥/ ١٥٣، كنز العمال ١٤/ ٤٨٩.
(٣) رواه ابن حبان في كتاب المجروحين ١/ ٣٣١، وينظر: الكامل في الضعفاء ٣/ ٢٨٥، الكشف والبيان ٧/ ٢٩٧، الكشاف ٣/ ٢١٧، مجمع البيان ٨/ ٥٠، تفسير القرطبي ١٤/ ١٣، ميزان الاعتدال ٢/ ٢١٥.
(٤) ينظر: الكشف والبيان ٧/ ٢٩٧، الكشاف ٣/ ٢١٧، مجمع البيان ٨/ ٥٠، ٥١، تفسير القرطبي ١٤/ ١٣.
(٥) الأخراص: جمع خَرْصٍ، مثلثة الخاء، وهو: الجريدُ من النخل، والخُرْصُ: الغُصْنُ، والخُرْصُ: كُلُّ قضيبٍ من شجرة، والجمع من كل ذلك: أَخْراصٌ وخِرْصانٌ. اللسان: خرص.

<<  <  ج: ص:  >  >>