للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مُصْفَرًّا} هو يعني: يابسًا بعد خضرته، وقيل (١): أراد السحاب، فإنه إذا اصْفَرَّ لم يمطر {لَظَلُّوا}؛ أي: لصاروا {مِنْ بَعْدِهِ}؛ أي: من بعد اصفرار النبت والزرع {يَكْفُرُونَ (٥١) أي: يجحدون ما سلف من النعمة بعد ما رأوا هذه الآياتِ الواضحات، ونصب {مُصْفَرًّا} على الحال لأنه من رؤية العين.

قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} يعني: من نطفة {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً} يعني: شبابًا، {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} يعني: هَرَمًا وكِبَرًا، قرأ يحيى بن وَثّاب والأعمش وعاصمٌ وحمزة بفتح الضاد من الضُّعف في الثلاثة كلِّها، وقرأ الباقون بالضم (٢)، واختاره أبو عُبيد؛ لأنها لغةُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣)، قال الفرّاء (٤): الضم لغة قريش، والفتح لغة تميم، والاختيار الضم لِما تَقَدَّمَ، والشيبة: مصدر، كالشيب.

وقوله: {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}؛ أي: من ضُعف وقوة وشَيْبة وشباب، {وَهُوَ الْعَلِيمُ} بتدبير خلقه {الْقَدِيرُ (٥٤)} على ما يشاء.

قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ}؛ أي: يحلف المشركون


(١) حكاه السجاوندي عن عَلِيِّ بن عيسى في عين المعاني ١٠١/ أ، وأبو حيان في البحر المحيط ٧/ ١٧٤، وهو بدون نسبة في إعراب القرآن ٣/ ٢٧٧، ومشكل إعراب القرآن ٢/ ١٨٠، والفريد ٣/ ٧٦٤.
(٢) ورُوِيَ عن حفص عن عاصم الضَّمُّ والفتح في الضاد في الثلاثة، ينظر: السبعة ص ٥٠٨، حجة القراءات ص ٥٦٢، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ١٨٦، البحر المحيط ٧/ ١٧٥، النشر ٢/ ٣٤٥، ٣٤٦، الإتحاف ٢/ ٣٥٩.
(٣) ذكره الثعلبي في الكشف والبيان ٧/ ٣٠٧.
(٤) لم أقف على قولة في معاني القرآن، وإنما وجدته في الكشف والبيان ٧/ ٣٠٧، والوسيط ٣/ ٤٣٨، وتفسير القرطبي ١٤/ ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>