للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيء: إذا أَعْرَضْتَ عنه، و {مَنْ} في موضع: رفع بالابتداء أو بالصِّفةِ (١).

وقوله: {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ}؛ أي: كي يَسْتَزِلَّ بحديث الباطل عن دين اللَّه الإسلام بغير علم يعلمه، قرأ ابن كثير وأبو عمرو: {لِيَضِلَّ} بفتح الياء (٢)، وقرأ الباقون بالضم، قال الزَّجّاج (٣): من قرأ بضم إلياء فمعناه: لِيُضِلَّ غَيْرَهُ وإذا أَضَلَّ غَيْرَهُ فقد ضَلَّ هو، ومن قرأ بفتح الياء فمعناه: لِيَصِيرَ أَمْرُهُ إلى الضلال، وهو -وإن لم يَشْتَرِ الضَّلَالَ- فإنه يصير أَمْرُهُ إلى ذلك.

قوله: {وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا (٦)} يعني: ويتخذ آياتِ اللَّه القرآنَ استهزاءً به، وقيل: الكناية تعود إلى سبيل اللَّه (٤)، والسبيل تؤنَّث كقوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} (٥).

قرأ الأعمش وحمزة والكسائي وخلفٌ وحفصٌ ويعقوب: {وَيَتَّخِذَهَا} بنصب الذال: عطفًا على قوله: {لِيُضِلَّ}، وهو اختيار أبِي عبيد؛ لقربه من المنصوب، وقرأ الآخرون بالرفع (٦)، نسقًا على قوله: {يَشْتَرِي}، وقرأ حمزة:


(١) الصفة مصطلح كوفِيٌّ يعنون به حرف الجر، ومعنى كون "مَنْ" رفعًا بالصفة أنه فاعل بالجار والمجرور، وهذا على مذهب الكوفيين والأخفش، وقد تقدم مثل ذلك ص ١/ ٣٤٩، ٤٤٠، ٢/ ١٨.
(٢) وهي أيضًا قراءة ابن محيصن ورُوَيْسٍ وحُمَيْدٍ وابن أبِي إسحاق ويعقوبَ، ينظر: حجة القراءات ص ٥٦٣، تفسير القرطبي ١٤/ ٥٦، التيسير ص ١٣٤، النشر ٢/ ٢٩٩، الإتحاف ٢/ ٣٦١.
(٣) معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٩٤ باختلاف في النص.
(٤) هذا القول والذي سبقه قالهما الفرَّاء في معاني القرآن ٢/ ٣٢٧، وينظر: معاني القرآن وإعرابه ٤/ ١٩٤، إعراب القرآن ٣/ ٢٨٢، الحجة للفارسي ٣/ ٢٧٢.
(٥) يوسف ١٠٨.
(٦) قرأ بالرفع: نافعٌ وابنُ كثير، وأبو بكر عن عاصمٍ، وأبو عمرو وابنُ عامر، ينظر: السبعة =

<<  <  ج: ص:  >  >>