للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الانتفاع بها، {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}؛ أي: أَوْسَعَ وأَكْمَلَ، يقال: سَبَغَتِ النِّعْمةُ: إذا تَمَّتْ، وأَسْبَغَها اللَّهُ: إذا أَتَمَّها، فالنعمة الظاهرة: الخَلْق والرزق والإسلام، والباطنة: ما سَتَرَ من ذنوب بني آدم فلم يعلم بها أحد ولم يُعاقَبْ عليها، وقيل: الباطنة: ما لا تبصره العَيْنُ ولا يدركه الوهم، كما قال: "وَلا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَر" (١)، وهذا كله من النعم.

قرأ نافع وشيبة وأبو جعفر وأبو رجاءٍ العُطاردي وأبو مِجْلَزٍ وأبو عَمْرو والأعرج (٢) وأيوبُ وحفصٌ: {نِعَمَهُ} بالجمع، وهو الاختيار، فعلى هذه القراءة نصب {ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} على: الحال، وقرأ الآخرون: {نِعْمةً} (٣) منوَّنة على الواحدة، ومعناه جَمْعٌ أيضًا، دليله قوله: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} (٤)، وعلى هذه القراءة تكون {ظَاهِرَةً}: نصبًا على النعت.


(١) هذا جزء من حديث قدسي سيأتِي بتمامه ٢/ ٨٦، وقد رواه البخاري في صحيحه ٤/ ٨٦ كتاب بدء الخلق/ باب ما جاء في صفة الجنة، ٦/ ٢١٢١ كتاب تفسير القرآن: سورة "تَنْزِيل السجدة"، ورواه مسلمٌ في صحيحه ٨/ ١٤٣ كتاب الجنة وصفة نعيمها.
(٢) هو: عبد الرحمن بن هرمز بن كيسان، أبو داود الأعرجُ، من موالي بني هشام، تابعي حافظ قارئ، روى عن أبِي هريرة وأبِي سعيد الخدري وغيرهما، كان ثقة ثبتًا عالمًا خبيرًا بأنساب العرب، رابَطَ في آخر حياته بالإسكندرية، وتوفِّي بها سنة (١١٧ هـ). [غاية النهاية ١/ ٣٨١، سير أعلام النبلاء ٥/ ٦٩، ٧٠، الأعلام ٣/ ٣٤٠].
(٣) قرأ: {نِعْمةً} بالإفراد ابنُ عباس وزيدُ بنُ عَلِيٍّ وابنُ كثير وابنُ عامر، وأبو بكر عن عاصمٍ، وحمزةُ والكسائيُّ، وأبو عمرو في رواية عنه، ينظر: السبعة ص ٥١٣، حجة القراءات ص ٥٦٦، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ١٨٩، تفسير القرطبي ١٤/ ٧٣، البحر المحيط ٧/ ١٨٥، النشر ٢/ ٣٤٧، الإتحاف ٢/ ٣٦٣.
(٤) إبراهيم ٣٤، والنحل ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>