للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد (١)، وهما بُضْعةٌ من الإنسان، فالفؤاد ظاهرها، والقلب باطنها، ألا ترى أن اللَّه تعالى نسب الرؤية إلى الفؤاد، فقال: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} (٢)، وقال: {وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (٣)، فنسب العمى إلى القلب.

قوله: {قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (٩) أي: شُكْرُكُم قليلٌ على هذه النعمة التي ذكرتها، ونصب {قَلِيلًا} بـ {تَشْكُرُونَ}، وتكون "ما": زائدة، وقيل: نصبه على النعت لمصدر محذوف، تقديره: شكرًا قليلًا.

قوله تعالى: {وَقَالُوا} يعني: منكري البعث {أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ}؛ أي: هلكنا وصِرْنا ترابًا، وأصله من قول العرب: ضَلَّ الماءُ فِي اللَّبَنِ: إذا ذَهَبَ، ويقال: ضَلَلْتُ المَيِّتَ: إذا دَفَنْتَهُ (٤)، وقرأ ابن محيصِن: {ضَلَلْنَا} بكسر اللام، وهي لغة (٥)، وقرأ الأعمش والحسن: {ضَلِلْنا} بالصاد وكسر اللام (٦)؛ أي:


(١) قال أبو هلال العسكري: "لم يفرق بينهما أهل اللغة، بل عَرَّفُوا كُلًّا منهما بالآخر، وقال بعض أصحابنا من أهل الحديث، الأفئدة توصف بالرقة، والقلوب باللين، لأن الفؤاد: غشاء القلب، إِذا رَقَّ نفذ القول فيه وخلص إلى ما وراءه، وإذا غلظ تعذر وصوله إلى داخله. وإذا صادف القلب شيئًا علق به إذا كان لينا". الفروق اللغوية ص ٤٣٣، وينظر أيضًا: تاج العروس: فأد.
(٢) النجم ١١.
(٣) الحج ٤٦.
(٤) ينظر: تهذيب اللغة ١١/ ٤٦٥، تفسير القرطبي ١٤/ ٩١.
(٥) قال ابن السكيت: "يقال: ضَلَلْتَ يا فلان فأنت تَضِلُّ ضَلَالًا وضَلَالةً، قال اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} فهذه لغة أهل نجد وهي الفصيحة، وأهل العالية يقولون: ضَلِلْتُ أَضَلُّ". إصلاح المنطق ص ٢٠٦، ٢٠٧.
(٦) قرأ عَلِيُّ بن أَبِي طالب وابن عباس وابن محيصن ويحيى بن يعمر وطلحة وأبو رجاء وابن وثاب وأبو العالية والحسن وأبان بن سعيد بن العاص: {ضَلِلْنا} بكسر اللام، وقرأ =

<<  <  ج: ص:  >  >>