للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن مسعود: إن في التوراة مكتوبًا: "لقد أَعَدَّ اللَّه للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تَرَ عينٌ، ولم تسمع أُذُنٌ، ولم يخطر على قلب بشر، وما لا يعلمه مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ولا نَبِيٌّ مُرْسلٌ، وإنه لفي القرآن: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} " (١).

وقال موسى بن سِنانٍ (٢): "بَلَغَنا أن الرجل من أهل الجنة يكون مع زوجته فِي الجنة ما شاء اللَّه، فتُشْرِفُ عليه أخرى، فتقول له: قد آنَ أن يكون لنا منك دَوْلةٌ، فيقول لها: مَن أنتِ؟ فتقول: أنا من اللاتِي قال اللَّه تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}، فيكون عندها ما شاء اللَّه، ثم تشرف عليه أخرى، فتقول: قد آن لنا أن يكون لنا منك دولة، فيقول لها: من أنت؟ فتقول: أنا من اللاتِي قال اللَّه تعالى: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} " (٣).

قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا} يعني: مُصَدِّقًا {كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا} يعني: خارجًا عن طاعة اللَّه وأَمْرِهِ {لَا يَسْتَوُونَ (١٨)} فِي الاسم والعمل والمنزلة، وفي الآية رَدٌّ على المُرْجِئةِ، وإنما لم يقل: يستويان؛ لأنه لم يُرِدْ بالمؤمن مؤمنًا واحدًا، ولا بالفاسق فاسقًا واحدًا، وإنما أراد جميع المؤمنين


(١) رواه الطبرانِيُّ في المعجم الكبير ٩/ ٢١٣، وينظر: جامع البيان ٢١/ ١٢٤، الكشف والبيان ٧/ ٣٣٢.
(٢) كذا في الأصل، و لعله موسى بن سَيّارٍ الَأسْوارِيُّ البصري، أحد القُصّاصِ، له رواية ضعيفة في الحديث، قيل: كان قدريًّا، توفِّي سنة (١٥٠ هـ). [كتاب المجروحين ٢/ ٢٤٠، ٢٤١، الأعلام ٧/ ٣٢٣].
(٣) ق ٣٥، وقد روى الطبراني نحوًا من هذا الخبر عن أنس -رضي اللَّه عنه- في المعجم الأوسط ٨/ ٣٦٢، وينظر: مجمع الزوائد ١٥/ ٤١٨ كتاب أهل الجنة/ باب ما جاء في نساء أهل الجنة، الدر المنثور ٥/ ١٧٦، ٦/ ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>