للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا، ونصب {نُزُلًا} على التفسير (١)، وقيل (٢): على المصدر، وقد ذكرت نظيرها في آخر سورة آل عمران (٣).

وما بعد هذا ظاهر المعنى إلى قوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى} يعني: مصائبَ الدنيا وأسقامَها وبلاءها، وقيل: ما ابْتُلُوا به من الجوع سَبْعَ سنين بمكة، حتى أكلوا الجِيَفَ والعظامَ والكلابَ، وقيل: ما ابْتُلُوا به من القتل يوم بدر، وقيل: أراد بالعذاب الأدنَى: عذاب القَبْرِ {دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ} يعني: عذاب الآخرة، {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١)} إلى التوحيد والإيمان بعد الكفر والعصيان.

قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} يعني: كفار مكة {كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ} الآية، قرأ أبو عبد الرحمن السلمي وقتادة: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} بالنون (٤)، وهي قراءة بَيِّنةٌ لا إشكال فيها، ومن قرأ بالياء ففيها إشكال؛ لأنه


(١) هذا قول الكوفيين، قال الفرَّاء في آل عمران ١٩٨: "وقوله: {نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} و {ثَوَابًا} خارجان من المعنى: لهُم نُزُلًا وثَوابًا، مُفَسِّرًا كما تقول: هُوَ لَكَ هِبةً وبَيْعًا وصَدَقة". معاني القرآن ١/ ٢٥١، وأجاز الكوفيون أيضًا نصبه على الحال، ينظر: التبيان للعكبري ص ٣٢٣، الدر المصون ٢/ ٢٩٠.
(٢) هذا قول البصريين، وهو مصدر من معنى العامل، لأن معنى {لَهُمْ جَنَّاتٌ}: نُنْزِلُهُمْ جَنّاتٍ، قال الزَّجّاج: " {نُزُلًا}: مؤكِّدٌ أيضًا؛ لأن خلودهم فيها إِنْزالُهُمْ فيها". معاني القرآن وإعرابه ١/ ٥٠١، وينظر: إعراب القرآن ١/ ٤٢٨، التبيان للعكبري ص ٣٢٣، الفريد للمنتجب الهمداني ٤/ ٢٥.
(٣) الآية ١٩٨.
(٤) قرأ أبو عبد الرحمن السلمي وقتادة وعَلِيُّ بن أَبِي طالب وابن عباس وأبو زيد عن يعقوب: {أَوَلَمْ نَهْدِ لَهُمْ} بالنون، وقرأ الباقون بالياء، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١١٩، الكشاف ٣/ ٢٤٦، تفسير القرطبي ١٤/ ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>