للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أخبر عن خوف الملائكة، فقال تعالى: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} قرأ ابن عامرٍ ويعقوب بفتح الفاء والزاي (١)، وقرأ الباقون بضم الفاء وكسر الزاي، أي: كُشِفَ وجُلِّيَ الفَزَعُ والجَزَعُ عن قلوبهم، وقيل: فُزِّعَتْ قلوبُهُمْ من الفزع، ومعنى {فُزِّعَ} على قراءة ابن عامرٍ ويعقوب؛ أي: كَشَفَ اللَّهُ الفزعَ عن قلوبهم.

ومعنى القراءتين سواءٌ كما ذكرنا في "أذِنَ" و"أُذِنَ"، ورُوِيَ عن الحسن أنه كان يقرأ: "حَتَّى إذا فُرِّغَ عَنْ قُلُوبِهِمْ" (٢) بالراء والغين يعني: فُرِّغَتْ قُلُوبُهُمْ من الخوف {قَالُوا} يعني الملائكة: {مَاذَا} يا جبريل {قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ} يعني الوحي؛ أي: يقول الحق، فنصب الجواب بـ {قَالَ}، ويجوز رفع الحق على أن "ما" في موضع رفعِ (٣) {وَهُوَ الْعَلِيُّ} الرفيع الذي علا فوق خلقه بالقهر والاقتدار {الْكَبِيرُ (٢٣)} يَعني: العظيم فلا أعظم منه.


(١) وبها قرأ أيضًا ابنُ مسعود وابنُ عباس وطلحةُ وابنُ السميفع وأبو المتوكل الناجي، ينظر: السبعة ص ٥٣٠، تفسير القرطبي ١٤/ ٢٩٨، البحر المحيط ٧/ ٢٦٦، الإتحاف ٢/ ٣٨٧.
(٢) قرأ الحسن وقتادة وأبو المتوكل: "فَرَّغَ"، ورُوِيَ عن الحسن وقتادة: "فُرِّغَ"، ورُوِيَ عن الحسن أيضًا: "فَزِعَ" و"فُزِعَ"، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٢٢، المحتسب ٢/ ١٩١، ١٩٢، تفسير القرطبي ١٤/ ٢٩٨، البحر المحيط ٧/ ٢٦٦.
(٣) وقد قرأ ابن أبِي عبلة: "قالُوا الحَقُّ" بالرفع، على أن "ما" في موضع رفع بالابتداء، و"ذا" اسم موصول بمعنى "الذِي" خبره، ويكون "الحَقُّ" خَبَرَ مبتدأ محذوف؛ أي: هو الحق، أما على قراءة النصب فيكون "ماذا" اسم استفهام في محل نصب مفعول مقدم لـ "قالَ"، و"الحَقَّ" مفعول لفعل محذوف تقديره: قال الحقَّ، ينظر: إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٣٤٦، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٠٨ - ٢٠٩، الكامل فِي القراءات للهذلِيِّ ورقة ٤٥٧، شواذ القراءة للكرماني ورقة ١٩٨، الدر المصون ٥/ ٤٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>