للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميع خلقه، والشكر مصدر الحمد، تقول: الحمدُ للَّهِ شُكْرًا، وقوله: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: خالِقُهما ومُبْدِؤُهُما على غير مثالٍ سَبَقَ، كقوله تعالى: {فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} (١)؛ أي: خَلَقَكُمْ وابْتَدَأكُمْ.

وفي محل "فاطِرِ" من الإعراب ثلاثة أوجه (٢): الخفض على النعت، والرفع على إضمار مبتدأٍ، والنصب على المدح، وكذلك قوله: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا} (٣) يعني: إلى أنبيائه، {أُولِي أَجْنِحَةٍ}؛ أي: ذَوِي أجنحةٍ، جمع جناحٍ، {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} قال الضحّاك: جبريل له جناحان، وميكائيل له ثلاثة أجنحةٍ، وإسرافيل له أربعة أجنحةٍ، وهذا من المعدول الذي لا ينصرف للعدل والصفة، وقد ذكرتُ نظيرَها فِي سورة النساء (٤)، وشرحتُهُ، فأغنى عن الإعادة هاهنا.

قوله: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} معناه: يزيد فِي أجنحة الملائكة ما يشاء، وهذا القول اختيار الزجّاج (٥) والفراء (٦)، وقيل: حُسْنُ الصوتِ (٧)، وقيل: هو الخَطُّ الحَسَنُ، وقيل: هو الملاحة فِي العينين.


(١) الإسراء ٥١.
(٢) هذا يَجُوزُ فِي غَيْرِ القرآن، وأما فِي القرآن فلا يجوز؛ لأنه لَمْ يُقْرأْ به.
(٣) ينظر في هذه الأوجه: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٦١، إعراب القرآن ٣/ ٣٥٩، وقد قرأ الحسن: "جاعِلُ"، بالرفعِ بغير تنوين "المَلائِكةِ" بالخفض، وقرأ عبد الوارث عن أبِي عمرو: "جاعِلُ" بالرفع بغيْرِ تنوين "المَلائِكةَ" بالنصب، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٢٤، المحتسب ٢/ ١٩٨، البحر المحيط ٧/ ٢٨٤.
(٤) يعني قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} النساء الآية ٣، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب.
(٥) ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٦١.
(٦) ينظر: معانِي القرآن ٣/ ٣٦٦.
(٧) قاله الزهري وابن جريج، ينظر: تفسير ابن كثير ٣/ ٥٥٤، وهذا على القراءة الشاذة: "يَزِيدُ فِي الحَلْقِ" بالحاء المهملة، وهي قراءة ابن مسعود، ينظر: شواذ القراءة للكرماني ورقة ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>