للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ}، فأما الذين سَبَقُوا فيَدْخُلُونَ الجَنّةَ بغَيْرِ حِسابٍ، وأما الذين اقْتَصَدُوا فأولئك يُحاسَبُونَ حِسابًا يَسِيرًا، وأمّا الذِينَ ظَلَمُوا أنفسَهُمْ فأولئك يُحْبَسُونَ فِي طُولِ المَحْشَرِ، ثُمَّ هُمُ الذِينَ تَلافاهُمُ اللَّهُ برحمتِهِ، فهم الذين يقولون: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} (١).

وعن عُمَرَ رضي اللَّه عنه قال: سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "سابِقُنا سابقٌ، ومُقْتَصِدُنا ناجٍ، وظالِمُنا مَغْفُورٌ لَهُ"، ثم قرأ عُمَرُ -رضي اللَّه عنه-: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ}. . . الآية (٢).

ثم أخبر اللَّه تعالى بثوابهم، وجَمَعَهُمْ في دخول الجنة، فقال تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ}؛ أي: هي جنات عدْنٍ، وقيل: "جَنّاتُ" بدل من "الْفَضْلُ الْكَبيرُ"، وقيل: هو ابتداء، وخبره في قوله: {يَدْخُلُونَهَا} (٣)، والجنّات: البساتين، قالَ ابن عبّاسٍ: هي مَعْدِنُهُمْ أبَدًا، يعني: إقامتهم فيها أبَدًا، يقال: عَدَنَ الرَّجُلُ فِي المكان: إذا أقام فيه، قال عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: "جنات عدْنٍ


(١) فاطر ٣٤، والحديث رواه الإمام أحمد في المسند ٥/ ١٩٨، وينظر: الكشف والبيان ٨/ ١٠٨، مجمع الزوائد ٧/ ٩٥ كتاب التفسير: سورة فاطر، الدر المنثور ٥/ ٢٥١، كنز العمال ٢/ ٣٨.
(٢) ينظر: الضعفاء الكبير ٣/ ٤٤٣، معانِي القرآن للنحاس ٥/ ٤٥٨، الكشف والبيان ٨/ ١١١، الوسيط ٣/ ٥٠٥، الجامع الصغير ٢/ ٣٨، الدر المنثور ٥/ ٢٥٢، كنز العمال ٢/ ١٠، ٤٨٥.
(٣) هذه ثلاثة أوجه ذكرها المؤلف في إعراب "جَنّاتُ"، وفيه وجه آخر وهو أن يكون خبرًا ثانيًا "ذَلِكَ" في قوله تعالى: {ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر: ٣٢]، ينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢١٧، كشف المشكلات ٢/ ٢٤٤، التبيان للعكبري ص ١٠٧٥، البحر المحيط ٧/ ٢٩٩، الدر المصون ٥/ ٤٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>