للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال تعالى في صفة الكفار: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا}؛ أي: لا يهلكون (١) فيستريحوا مما هم فيه من العذاب، ونصب {فَيَمُوتُوا} على جواب النفي بالفاء، وذكر عن الحسن أنه قرأ: "فَيَمُوتُونَ" (٢)، ولا يكون حينئذٍ جوابًا للنفي (٣)، والمعنى: لا يقضى عليهم ولا يموتون كقوله تعالى: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} (٤)، {وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} طَرْفةَ عَيْنٍ، {كَذَلِكَ}؛ أي: كما ذكرنا {نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦)} يعني: كلَّ كافرٍ، قرأه العامة بنصب النون واللام على المفعول، وقرأ أبو عمرو (٥) بضم الياء وفتح الزاي ورفع اللام على غير تسمية الفاعل، {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا} يدعون ويستغيثون، ويصيحون فِي النار، وهو "افْتِعالٌ" من الصراخ، يقال للمغيث: صَرِيخٌ، وللمستغيث: صارِخٌ، قال مقاتل: هو أنهم يُنادُونَ: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا} جزمٌ على الجواب، قال ابن عبّاسٍ: نَقُلْ: لا إله إلا اللَّه، {غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} فِي الدنيا يعني: من الشِّرك، فيقول اللَّه تعالى لهم: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} وهذا مفعولٌ مطلقٌ؛ أي: تعميرًا (٦).


(١) في الأصل: "لا يهلكوا".
(٢) وهي أيضًا قراءة عيسى بن عمر، ينظرة المحتسب ٢/ ٢٠١ - ٢٠٢، تفسير القرطبي ١٤/ ٣٥٢، البحر المحيط ٧/ ٣٠١.
(٣) بل يكون معطوفًا على "يقضى"، وهو مرفوع، ينظر: معانِي القرآن للفراء ١/ ٢٢٩، ٣/ ٢٢٦، إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٣٧٤.
(٤) المرسلات ٣٦.
(٥) هذه قراءة أبِي عمرو والحسن واليزيدي وخلف وأبِي حاتم عن نافع، ينظر: السبعة ص ٥٣٥، حجة القراءات ص ٥٩٣، البحر المحيط ٧/ ٣٠١، الإتحاف ٣/ ٣٩٣ - ٣٩٤.
(٦) قال أبو عبيدة: "ومجاز "ما" هاهنا مجاز المصدر: أو لَمْ نعمركم عُمُرًا يتذكر فيه". مجاز القرآن ٢/ ١٥٦، وينظر: التبيان للعكبري ص ١٠٧٦، أمالِيُّ ابن الحاجب ١/ ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>