للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّيِّئْ" بإسكان الهمزة (١) تَخفيفًا كراهةً لالتقاء الحركات، ولا خلاف فِي الثانِي، والقراءة المرضية ما عليه العامة، والنحويون كلهم يزعمون أن هذا من الاضطرار في الشِّعر، ولا يجوز مثله فِي كتاب اللَّه تعالى.

وقال أبو عليٍّ الفارسي (٢): هو على إجراء الوصل مجرى الوقف، كما حكى سيبويه (٣) من قولهم: ثلاثهَ إرْبَعَهْ، فأجروا الوصلَ مُجْرَى الوقفِ، قال (٤): ويحتمل أنه خَفَّفَ آخرَ الاسم لاجتماع الكسرتين والياءين، كما خففوا الباءَ من إبِلٍ لتوالِي الكسرتين، ونُزِّلَ حركةُ الإعراب بمنزلة غير حركة الإعراب.

قال أبو جعفرٍ النحّاس (٥): كان الأعمش يقف على: "وَمَكْرَ السّيِّئ"، فيترك الحركة، وهو وَقْفٌ حَسَنٌ تامٌّ، ثم غَلِطَ عليه الراوي، فَرَوَى أنه كان يَحْذِفُ الإعرابَ، فتابَعَ حَمْزةُ الغالطَ، فقرأ في الإدراج بترك الحركة (٦).


(١) قرأ الأعمش وحمزة وأبو عمرو والكسائي بإسكان الهمزة وصلًا، إجراءً له مُجْرَى الوقف كقراءة أبِي عمرو: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ} [البقرة: ٥٤]، ينظر: السبعة ص ٥٣٥ - ٥٣٦، تفسير القرطبي ١٤/ ٣٥٨، الإتحاف ٢/ ٣٩٤.
(٢) الحجة للقراء السبعة ٣/ ٣٠٢ باختلاف كبير في ألفاظه.
(٣) قال سيبويه: "وزعم من يوثق به أنه سَمِعَ من العرب من يقول: ثَلاثَهَ ارْبَعَهْ، طرح هَمْزةَ أرْبَعَهْ على الهاء ففتحها، وَلَمْ يُحَوِّلْها تاءً؛ لأنه جعلها ساكنة، والساكن لا يتغير فِي الإدراج، تقول: اضْرِبْ، ثُمَّ تقول: اضْرِبْ زيدًا". الكتاب ٣/ ٢٦٥.
(٤) يعني الفارسي.
(٥) إعراب القرآن ٣/ ٣٧٧ باختلاف يسير في ألفاظه.
(٦) المصدر السابق ٣/ ٣٧٧، وإنه من غير المقبول أن يُقال في قراءة سبعية: إن هذه القراءة لحن أو غلط؛ لأنها قد ثبتت عن بعض السبعة، قال ابن الجزري: "وقد أكْثَرَ الأستاذ أبو علي الفارسيُّ في الاستشهاد من كلام العرب على الإسكان، ثم قال: فإذا ساغ ما ذكر في هذه القراءة من التأويل لَمْ يَسُغْ أن يقال: لَحْنٌ. قلتُ: وناهيكَ بِإمامَي القراءةِ والنحو: أبِي عمرو والكسائي". النشر ٢/ ٣٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>