للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {بِقَادِرٍ} قرأه العامة بالألِف، وقرأ يعقوب: "يَقْدِرُ" (١) على الفعل، وإنما دخلت الباء للتوكيد (٢)، والمراد بعثهم كما كانوا أوَّلًا، ثم أجاب هذا الاستفهام بقوله: {بَلَى} يعني: هو قادرٌ على ذلك {وَهُوَ الْخَلَّاقُ} يخلق خلقًا بعد خَلقٍ {الْعَلِيمُ (٨١)} بجميع ما خَلَق.

ثم ذكر قدرته على إيجاد الشيء، فقال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا} من البعث وغيره {أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)}، وهو أمْرٌ وَرَدَ لبيان كمال القدرة، قرأ الكسائي وابن عامرٍ: "فَيَكُونَ" بالنصب (٣) عطفًا على "يَقُولَ"، أو على جواب الأمر بالفاء (٤)، وقرأ الباقون بالرفع على القطع والاستئناف على


(١) قرأ يعقوب ورُوَيْسٌ وسلام وعاصم الجحدري وابن أبِي إسحاق والأعرج: "يَقْدِرُ"، وقرأ الباقون: "بِقادِرٍ"، ينظر: تفسير القرطبي ١٥/ ٦٠، البحر المحيط ٧/ ٣٣٣، النشر ٢/ ٣٥٥، الإتحاف ٢/ ٤٠٥.
(٢) يعني الباء الزائدة في خبر "ليس" على قراءة "بقادِرٍ" بالباء.
(٣) ينظر: السبعة ص ٥٤٤، إعراب القراءات السبع ٢/ ٢٤١، تفسير القرطبي ١٥/ ٦٠، النشر ٢/ ٣٥٦، الإتحاف ٢/ ٤٠٥.
(٤) لَمْ يُجِزْ سيبويه فِي مثل هذا إلا الرفعَ، فقال: "ومثله: {كُنْ فَيَكُونُ} كأنه قال: إنما أمْرُنا ذاك فيكونُ، وقد يَجوز النصبُ في الواجب في اضطرارِ الشعرِ". الكتاب ٣/ ٣٩.
وأما ما ذكره المؤلف من أن "فيَكُونَ"، على قراءة النصب، منصوب بالعطف على "يَقُولَ"، فهذا ما قاله اكثر النحويين، ينظر: معانِي القرآن للفراء ١/ ٧٤، ٧٥.
وأما تخريج نصب "فَيَكُونَ" على أنه جواب للأمر بـ "كُنْ" فقد أجازه الزَّجّاجُ والنَّحّاسُ، قال الزَّجّاجُ فِي آية سورة النحل: "والنصب على ضربين، أحدهما: أن يكون قوله: "فَيَكُونَ" عطفًا على "أنْ نَقُولَ. . فَيَكُونَ"، ويجوز أن يكون نصبًا على جواب "كُنْ". معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ١٩٨، وينظر: إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٤٠٨.
وهذا الوجه ضعَّفَهُ الفارسيُّ وغيرُهُ بأن "فَيَكُونَ" لا يجوز أن يكون جوابًا لـ "كُنْ"، ينظر: معانِي القرآن للأخفش ص ١٤٤ - ١٤٥، معانِي القراءات للأزهري ١/ ١٧٣، الإغفال للفارسي ١/ ٣٧٢، ٣٨٢: ٣٩١، كشف المشكلات ١/ ٢٢٨، التبيان للعكبري ص ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>