للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عِزًّا لأوليائي، ومَذَلّةً على أعدائي، وجَمالًا لأهلِ طاعتِي، فقالت الريح: اخْلُقْ، فقبض منها قَبْضةً، فخَلَقَ فَرَسًا، فقال له: خَلَقْتُكَ عَرَبِيًّا، وجعلتُ الخَيْرَ معقودًا بناصيتِكَ، والغنائمَ مجموعةً على ظَهْرِكَ، وعَظَّمْتُ عليك صاحِبَكَ، وجعلتك طَيْرًا بلا جَناحٍ، فأنتَ لِلطَّلَبِ، وأنتَ لِلْهَرَبِ، وسأجعل على ظَهْرِكَ رِجالًا يُسَبِّحُونَنِي ويُحَمِّدُونَنِي ويُكَبِّرُونَنِي، فتسَبِّحُنِي إذا سَبَّحُوا، وتُهَلِّلُنِي إذا هَلَّلُوا، وتُكَبِّرُني إذا كَبَّرُوا"، ثم قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما مِنْ تَسْبيحةٍ وتَحْمِيدةٍ وتَمْجِيدةٍ وتَكْبِيرةٍ يُكَبِّرُها صاحِبُها فيسمعها إلا يُجِيبُه بِمِثْلِها" (١).

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ}؛ أي: ابتليناه واختبرناه بِسَلْبِ مُلْكِهِ، {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} يعني الشيطان الذي كان على كرسيه يقضي بين الناس.

وقوله: {ثُمَّ أَنَابَ (٣٤) أي: رجع بعد أربعين يومًا إلى مُلْكِهِ، فلما رجع {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}؛ أي: لا يكون لأحدٍ من بعدي أبدًا، {إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥)} فاستجبنا له ذلك، فلم يكنْ لأحَدٍ بَعْدَهُ من الملك ما كان له، وذلك قوله تعالى: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً}؛ أي: ساكنة لَيِّنةً رِخْوةً سَهْلةً مُطِيعةً طَيِّبة الهُبُوبِ {حَيْثُ أَصَابَ (٣٦)} يعني: حيث أراد من النواحي، يقال: أصابَ- اللَّهُ بكَ خَيْرًا: أي أراد اللَّه بك خيرًا (٢)، وتقول العرب (٣): أصابَ الصَّوابَ، فَأخْطَأ الجَوابَ، قال الشاعر:


(١) قال ابن الجوزي: "هذا حديث موضوع بلا شك". الموضوعات لابن الجوزي ٢/ ٢٢٤، وينظر أيضًا: الدر المنثور ٣/ ١٩٥، كنز العمال ٤/ ٤٦٤.
(٢) قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ١٨٣، وينظر: غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ١٣٤.
(٣) هذا القول حكاه الأصمعي عن العرب، ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص ٣٨٠، الزّاهر ٢/ ١٩٤، معاني القرآن للنحاس ٦/ ١١٥، ياقوتة الصراط ص ٤٤٠ - ٤٤١، تهذيب اللغة ١٢/ ٢٥٣، الكشاف ٣/ ٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>