للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيعملوا لها، ولا يغفلوا عنها فَيَنْسَوْها، وقيل: نزع اللَّه ما فِي قلوبهم من حُبِّ الدُّنْيا وذِكْرِها، وأخْلَصَهُمْ بِحُبِّ الآخرةِ وذِكْرِها.

قرأ أهل المدينة: "بِخالِصةِ" مضافًا، وهي رواية هشامٍ عن أهل الشام، وقرأ الباقون بالتنوين على البدل، قاله الثعلبي (١)، و"ذِكْرَى" فِي موضع خفضٍ على البدل من "خالِصةٍ"، ولا يتبين فيها الإعراب؛ لأن فِي آخِرِها ألِفًا مقصورًا.

فمن قرأ: "بِخالِصةٍ" بالتنوين كان المعنى: جعلناهم لنا خالصين، بأن خَلَصَتْ لهم ذِكْرَى الدّارِ، والخالصة مصدر بمعنى الخُلُوصِ، والذكرى بمعنى التذكير؛ أي: خَلَصَ لهم تذكيرُ الدارِ، وهو أنهم يذكرون بالتأهب لها ويَزْهَدُونَ فِي الدنيا، وذلك شأن الأنبياء -صلوات اللَّه عليهم أجمعين-.

ومن قرأ بالإضافة فالمعنى: أخْلَصْناهُمْ بأن خَلَصَتْ لهم ذكرى الدار، والخالصة مصدرٌ مضافٌ إلى الفاعل، قال ابن عبّاسٍ: أخلصوا بذكر الدار الآخرة وأن يعملوا لها، والذِّكْرَى على هذا بمعنى الذِّكْرِ، قاله الواحدي (٢).

وقال صاحب إنسان العين (٣): "ذِكْرَى": بدل من "خالِصةٍ"؛ أي: بدرجةٍ خالصةٍ، وخالصة مصدرٌ كالطّاغِيةِ والخائِنةِ، يعني: بِإخْلاصٍ، أو "ذِكْرَى":


(١) الكشف والبيان ٨/ ٢١٢.
(٢) الوسيط ٣/ ٥٦٢.
(٣) قال السجاوندي: "بخالِصةٍ أي: بِكُتُبٍ مُنَزَّلةٍ قيها ذكرى الدار. مقاتل: بِنُبُوّةٍ وذِكْرَى الدارِ الآخرةِ، وقيل: بدرجَة خالصة، وهو الذكر الجميل في الدنيا على الخُلُوصِ، فتكون الذكرى بدلا عنها، أو فاعلًا بمعنى الخالصة، أي: بأن خَلَصَتْ لهم ذكرى، وقيل: هي مصدر على خلاف الصدر كالطاغية والخائنة بمعنى الإخلاص، فتكون "ذِكْرَى" مفعولًا، نحو: عَمْرَكَ اللَّهُ، أي: أخْلَصْناهُمْ بحُبِّ الآخرةِ. . . يدل عليه قراءةُ مَدَنِيٍّ وهشام: "بخالِصةِ ذِكْرَى" على الإضافة، وعن طلحةَ: "بِخالِصَتِهِمْ". عين المعانِي ورقة ١١٤/ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>