للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ}؛ لأن مفاتيح الرزق بيده {إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ} من البَسْطِ والقُدْرةِ {عَلِيمٌ (١٢)}.

وقد ذكرتُ نظيرها، وشرحتُ ذلك في سورة الزمر (١)، فأغْنَى عن الإعادة هاهنا.

قوله تعالى: {وَمَا تَتَفَرَّقُوا} يعني أهل الأديان المختلفة، وقيل: أهل الكتاب {إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ} يعني البيان من بعث محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- {بَغْيًا بَيْنَهُمْ (١٤)} وهو مفعول من أجله؛ أي: فَعَلُوا ذلك لِلْبَغْيِ، وهو في الحقيقة مصدر.

قوله تعالى: {فَلِذَلِكَ}؛ أي: فَإلَى ذلك الدِّينِ أو الكتابِ {فَادْعُ}: قال الفَرّاءُ (٢) والزَّجّاجُ (٣): وهذا كما تقول: دَعَوْتُ إلى فلان، وقال تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} (٤)؛ أي: إليها. و"ذَلِكَ" إشارة إلى ما وَصَّى به الأنبياءَ من التوحيد (٥){وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}؛ أي: اثْبُتْ على الدين الذي أُمِرْتَ به، ومحل الكاف نصبٌ؛ لأنه أُقِيمَ مُقامَ المصدر، تقديره: اسْتَقِم اسْتِقامةً (٦)، {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} يعني: أهل الكتاب، وذلك أنهم دَعَوا النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى دينهم {وَقُلْ} لهم {آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ}؛ أي: آمنت بِكُتُبِ اللَّهِ كُلِّها،


(١) الآية ٦٣، وانظر ٢/ ٣٦٤.
(٢) معانِي القرآن ٣/ ٢٢.
(٣) معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٣٩٦.
(٤) الزلزلة ٥.
(٥) قاله مقاتل، ينظر: زاد المسير ٧/ ٢٨٧.
(٦) ويجوز أن تكون "ما" موصولة في موضع خفض بالكاف، وجملة "أُمِرْتَ" صلة الموصول، والعائد محذوف، والتقدير: كالذي أُمِرْتَ به، ينظر: مغني اللبيب ص ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>