للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: سَلْ أهْلَ القَرْيةِ، وعَنَى بالرجلين الوليدَ بن المغيرة، كان عظيمَ أهلِ مكة في الشرف، وأبا مسعود الثقفيَّ (١) عظيمَ أهل الطائف، واسمه عمرو بن عمير بن عوف، جَدُّ المُخْتارِ (٢)، وقيل: هو عروة بن مسعود الثقفي، قاله الواحدي (٣).

ثم قال تعالى رَدًّا عليهم، وإنكارًا لِما قالوا: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} يريد: توبته وكرامته، استفهام إنكار، والمعنى: أبِأيْدِيهِمْ مَفاتِيحُ الرسالة فيضعوها حيث شاؤوا؟ لكنها بِيَدِي أخْتارُ لَها مَنْ أشاءُ من عبادي، فاختار اللَّه تعالى أفضلَ مما اختاروا لأنفسهم، وهو محمدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- الأُمِّيُّ القُرَشِيُّ الأبْطَحِيُّ الزَّمْزَمِيُّ، سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وقائد الغُرِّ المُحَجَّلِينَ إلَى جنات النعيم، المُخْتَصُّ بالنعمة، والمؤيد بالقوة، والمنتخب للأمة، والمصطفى للرسالة، نُورُ اللَّهِ في أقطارِ مَنْ تُظِلُّهُ السَّماءُ، وتُقِلُّهُ الأرضُ -عليه أفضل الصلاة والتسليم-.

ثم قال تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}؛ يعني: لَمْ نُعْطِ الوليدَ بن المغيرة وأبا مسعود الثقفيَّ الذي أعطيناهما من الغِنَى لكرامتهما علينا، ولكنه قَسْمٌ من اللَّه بينهما: {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ}؛ يعني: فضائل


(١) هو عروة بن مسعود بن مُعَتِّب الثَّقَفِيُّ، صحابِيٌّ مشهور، كان كبيرَ قومِهِ بالطائف، ولما أسلم استأذن النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يرجع إلى قومه ليدعوهم إلى الإسلام، فخشي عليه النبي أن يقتلوه، فلما أذن له النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ورجع إليهم قتلوه سنة (٩ هـ). [أسد الغابة ٣/ ٤٠٥ - ٤٠٦، الإصابة ٤/ ٤٠٦ - ٤٠٨، الأعلام ٤/ ٢٢٧].
(٢) هو المختار بن أبِي عبيد بن مسعود الثقفيُّ، أبو إسحاق، من زعماء الثائرين على بني أمية، وأحد الشجعان الأفذاذ، ولما قُتِلَ الحسين بن عَلِيٍّ قام يطالب بدمه، ثم شاع في الناس أنه ادّعى النبوة ونزولَ الوحي، فقاتله مصعب بن الزبير، وقتله سنة (٦٧ هـ). [الأعلام ٧/ ١٩١].
(٣) الوسيط ٤/ ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>