للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال أيضًا: عَشِيَ الرَّجُلُ يَعْشَى عَشًى، فهو أعْشَى: إذا لَمْ يُبْصِرْ بالليل (١)، وقيل (٢): معنى قوله: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ}؛ أي: يُظْلِمْ بَصَرُهُ عنه كَأنّ عليه غِشاوةً.

يقال (٣): عَشَوْتُ إلى النار أعْشُو عَشْوًا، فأنا عاشٍ: إذا اسْتَدْلَلْتَ إليها بِبَصَرٍ ضَعِيفٍ، و {يَعْشُ} في موضع جزم بالشرط، وعلامة الجزم فيه حذف الواو، وهو مشتق من العشا (٤)، وجوابه: {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا}؛ أي: نُسَلِّطْهُ عليه ونُسَهِّلْهُ له {فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦)} فلا يفارقه {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ}.

أي: وإن الشياطين يَمْنَعُونَ الكافرين عن سبيل الهدى، وإنما جمع الكناية لأن قوله: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا} فِي مذهب جَمْعٍ، وإن كان اللفظ على الواحد (٥).


= اللغة: الوافد: القادم، ويقال للرجل إذا هَرِمَ: غاب وافداه، وهما الناشزانِ من الخدَّيْنِ عند المَضْغِ، فإذا هَرِمَ الإنسانُ غاب وافداه، مختلف الخَلْقِ: مُتَغَيِّر غَيَّرَتْهُ الحوادثُ عَمّا عُهِدَ عنه، الأعشى: الذي لا يبصر ليلًا.
التخريج: ديوانه ص ١٤٥، مقاييس اللغة ٦/ ١٢٩، مجمل اللغة ٢/ ٩٣٢، الكشف والبيان ٨/ ٣٣٤، أساس البلاغة: وفد، تفسير القرطبي ١٦/ ٨٩، التاج: وفد.
(١) قال ثعلب: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ}: يَضْعُفْ نَظَرُهُ فيه، قال الأصمعي: لا يَعْشَى إلّا بعد ما يَعْشُو، وإذا ذَهَبَ بَصَرُهُ قيل عَشِيَ يَعْشَى، وإذا ضَعُفَ بَصَرُهُ قيل: عَشا يَعْشُو". مجالس ثعلب ص ٣٩٩، وينظر: تفسير غريب القرآن للسجستانِي ص ١٤٠.
(٢) قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ٢٠٤، وحكاه عنه ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ص ٣٩٧.
(٣) قاله ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ص ٣٩٨.
(٤) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ١١٠.
(٥) قاله الواحدي في الوسيط ٤/ ٧٢، وينظر: الكشاف ٣/ ٤٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>