للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِعَمِ أهل الجنة، فإنه ما من نعمة إلّا وهي تصيب النفس والعين، ثم تَمَّمَ هذه النِّعَمَ بقوله: {وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٧١)}؛ لأنها لو انقطعت لَمْ تَطِبْ.

قوله تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ} يعني المشركين {فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (٧٤)} أبدًا مقيمون {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ}؛ يعني: في العذاب {مُبْلِسُونَ (٧٥)} أذِلّةٌ آيِسُونَ مُتَحَيِّرُونَ مُنَكِّسُونَ رُءُوسَهُمْ مُنْكَسِرُونَ.

والإبْلَاسُ: الإياسُ، يقال: أبْلَسَ وأيِسَ، وسُمِّيَ إبْلِيسُ إبليسَ (١)؛ لأنه أبْلَسَ من رحمة اللَّه؛ أي: أيسَ من الرحمة، وفي قراءة عبد اللَّه: {وَهُمْ فِيهِ} (٢) يعني: في جهنم {مُبْلِسُونَ}.

قوله: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ} فَنُعَذِّبَهُمْ على غَيْرِ ذَنْبٍ {وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (٧٦)} بكفرهم باللَّه، وتكذيبِهم برسله، وتركهم ما دعاهم إليه.

ونصب {الظَّالِمِينَ} على خَبَرِ {كانَ}، و {هُم} عند سيبويه فاصلة لا موضع لها من الإعراب (٣) بِمَنْزِلةِ "ما" في قوله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} (٤)، والكوفيون يقولون: هو عماد وتوكيد (٥)، قال الفراء (٦): وهي في


(١) في الأصل: "إبليسًا"، وهو خطأ؛ لأن إبليس ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة.
(٢) ينظر: البحر المحيط ٨/ ٢٧.
(٣) ينظر: الكتاب ٢/ ٣٩١.
(٤) النساء ١٥٥، والمائدة ١٣.
(٥) ينظر حديث الفراء عن ضمير العماد في معانِي القرآن ١/ ٥١، ٥٢، ٤٠٩، ٢/ ١٤٥، ٢١٢، ٣٥٢، وينظر قول الكوفيين أيضًا، في إعراب القرآن للنحاس ٤/ ١٢١، ومصطلحات النحو الكوفِيِّ ص ٤٥ - ٥٠، وغيرها.
(٦) معانِي القرآن ٣/ ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>