للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شرعه الله لعباده، وسمي سبيل الله؛ لأنه طريق موصل إلى الله عزّ وجل؛ ولأن الله تعالى هو الذي وضعه للعباد، ولم يشرعه أحد سواه، فأضيف إلى الله تعالى باعتبارين: الإعتبار الأول: أنه موصل إليه، كما تقول: هذا طريق المدينة، وهذا طريق مكة، والثاني: أن الله هو الذي وضعه للعباد وشرعه لهم، مع أنه يضاف أحيانًا للسالكين؛ كقوله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥] فهنا أضاف السبيل إلى المؤمنين باعتبار أنهم سالكوه، وعلى هذا فإذا أضيف السبيل إلى الله كان باعتبارين، وإذا أضيف إلى العباد صار باعتبار واحد.

وقوله: {كَثِيرًا} يختلف إعرابها باختلاف كلمة صدّ، فإن كانت لازمة فهي صفة لمصدر محذوف؛ أي: "صدودًا كثيرًا" وإن كانت متعدية فهي مفعول لصدّ، وإن شئت قلت: صفة لمفعول صدّ المحذوف؛ أي: "خلقًا كثيرًا"، وهم في الواقع جديرون بالوصفين فأنهم صدوا بأنفسهم، وصدوا غيرهم.

قوله: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} هذا الوصف الثالث {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا} ولم يقل أكلهم؛ لأن الأخذ أعم، فقد يأخذ إنسان الربا ولا يأكله، فيستعمله في لباس أو في بناء أو ما أشبه ذلك، وقد يأخذه للأكل، فتارةً يعبر بالأكل؛ كقوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: ٢٧٥] وتارةً يعبر بالأخذ وهو أعم، لكن التعبير بالأكل أشد؛ لأن ممارسة الآكل للربا أشد من ممارسة غير الآكل، إذ أن الآخذ يستعمل الربا، وقد يفيده في أمور أخرى غير الأكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>