للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: ١٣] فقال: للنصراني: هل السموات والأرض وما فيها جزء من الله؟ ! فحار النصراني، وعرف أنه على ضلال ثم أسلم؛ لأنه تبين له الحق، فـ "من" هنا ليست للتبعيض، ولكنها للإبتداء؛ أي: أنها من عند الله عزّ وجل.

قوله: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} {فَآمِنُوا} الضمير "الواو" يعود إلى أهل الكتاب الذين يراد بهم النصارى، وقوله: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} أي عيسى وموسى ومحمد وجميع الرسل، ولا تقولوا: لا نؤمن إلا بمحمد؛ لأن عيسى هو الذي بشَّر به، بل آمنوا بالله ورسله كلهم من أولهم إلى آخرهم.

والإيمان في اللغة اشتهر بأنه التصديق، ولكن الصحيح: أنه ليس التصديق، وأنه الإقرار، ولهذا يُعدى بالباء، فيقال: آمن بكذا؛ أي: أقر به إقرار مؤمن مصدق، وقد ذكر هذا شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه "الإيمان"، وذكر أن من فسره بالتصديق فليس بصواب، لكن قد يُضمن معنى التصديق ثم يتعدى باللام، مثل قوله: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} [العنكبوت: ٢٦]، والإيمان هنا بمعنى الإنقياد؛ أي: فانقاد له لوط {وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي} [العنكبوت: ٢٦].

وقوله: {وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ} جملة {لَا تَقُولُوا} مكونة من فعل مضارع وفاعل، والقول هو: النطق باللسان، وهنا كلمة {ثَلَاثَةٌ} لم يقع عليها الفعل؛ لأن القول لا ينصب إلا جملة أو شبه جملة، ولا ينصب الإسم المفرد إلا على لغة بعض العرب الذين يجعلون القول كالظن، فينصبون به المفرد، وعلى هذا فنقول: {ثَلَاثَةٌ} ليست مفعولًا لـ {تَقُولُوا}، ولكنها خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: "ولا تقولوا: الله ثلاثة".

<<  <  ج: ص:  >  >>