للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي فيما يقرآ من القرآن" (١)، وإلى هذا ذهب الإمام أحمد رحمه الله، وأجاب عن الحديث: "لا تحرم المصة ولا المصتان" بأن تحريم الثلاث بالمفهوم، وإذا تعارض المفهوم والمنطوق فيقدم المنطوق؛ لأن المفهوم واسع يصدق بصورة واحدة، فمثلًا: لا تحرم المصة ولا المصتان والثلاث، والأربع، والخمس، والعشر مسكوت عنها، وبالمفهوم أنه إذا رضع خمس رضعات ثبت التحريم، وإذا قلنا: يثبت التحريم بخمس رضعات، فإننا لم نخالف المنطوق؛ لأن مفهومه أن الثنتين لا تحرم، وما زاد فيصدق بصورة واحدة، ولهذا نقول: إننا نقدم دلالة المنطوق.

لكن بعض العلماء طعن في هذا الحديث طعنًا موجعًا، وقال: إن هذا الحديث لا يصح ولو كان في صحيح مسلم، إذ كيف يتوفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي فيما يتلى من القرآن، ولم نجدها الآن في القرآن؛ لأنها إذا كانت بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام موجودة في القرآن، فيجب أن تبقى، ولو فتح هذا الباب لكان هذا سبيلًا إلى تصحيح قول الرافضة بأن في القرآن شيئًا محذوفًا.

وبناء على ذلك: فإن المتن منكر، ونأخذ بحديث: "لا تحرم المصة ولا المصتان" (٢) أو نأخذ بالإطلاق.

ولكن عند التأمل لا يتبين أن هذا طعن في الحديث؛ لأن


(١) رواه مسلم، كتاب الرضاع، باب التحريم بخمس رضعات، حديث رقم (١٤٥٢).
(٢) تقدم ص ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>