للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما هي الرضعة؟ الرضعة هي على الأصح المشبعة، وليس في الحديث: خمس رضعات مشبعات، ولذلك قال بعضهم: الرضعة هي المصة، لقوله: "لا تحرم المصة ولا المصتان"، ومعلوم أن الطفل إذا مص فقد رضع، وأتاه اللبن بمصته، وعلى هذا فيمكن أن تكون الخمس في مجلس واحد، وفي نَفَس واحد، فإن الطفل يمكن أن يمص خمس مرات في نفس واحد، والثدي في فمه، ولكن هذا فيه شيء من الإشتباه؛ لأن الإحاطة بهذا صعبة.

وقال بعض العلماء: المراد بالرضعة التقام الثدي، فما دام الصبي ملتقمًا للثدي فهذه رضعة، وإذا أطلقه لأي سبب من الأسباب فقد تمت الرضعة، سواء أطلقه لتنفس، أو لسماع صوت أزعجه، أو لنقل أمه له من الجهة اليمنى إلى اليسرى، أو ما أشبه ذلك، المهم أن الرضعة التقام الثدي، فما دام الطفل ملتقمًا للثدي فهي رضعة، وإذا أطلقه لأي سبب فقد تمت الرضعة.

وعلى هذا فيمكن أن تتم الخمس الرضعات في مجلس واحد. وقال بعض العلماء: إن الرضعة هي فَعْلة مما يعد رضعة؛ أي: وجبة في الرضاع، كما تقول: أكلة، كما جاء في الحديث: "إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها" (١)، فالحمد يكون عند الإنتهاء من الأكل، فتكون الرضعة كالأكلة تمامًا، فلا بد أن تكون الرضعة الأخرى منفصلة عن الأولى بزمن يعد انفصالًا، كأن تكون واحدة في الصباح، وواحدة في المساء، وواحدة في الليل، وواحدة في السحر، وما أشبه ذلك، وهذا هو


(١) أخرجه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب رقم (٢٧٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>