الفطام" (١)، وهذا الحديث وإن كان ضعيفًا، لكن يؤيده النظر؛ لأن الإرضاع قبل الفطام يؤثر في نمو الولد، وليس له إلا هذا الغذاء، وبعد الفطام لا فرق بين الصغير والكبير في تأثير الرضاع؛ لأنه إذا فطم وصار لا يأكل إلا الطعام، فلا فرق بينه وبين من له عشر سنوات، فإن تأثير الغذاء عنده باللبن كتأثيره عند صاحب العشر سنوات، وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو أن العبرة بالفطام، وهذا من حيث المعنى أصح، لكن فيه شيء من العسر، وذلك لعدم انضباطه في بعض الأحيان؛ لأن الطفل لا يفطم مرة واحدة، بل يفطم شيئًا فشيئًا؛ لصعوبة الفطام عليه.
ولو قال قائل: باعتبار الأكثر من الفطام، أو السنتين؛ لم يكن هذا القول بعيدًا، فإذا فطم قبل السنتين امتد الحكم إلى السنتين، وإن تمت السنتان قبل فطامه امتد الحكم إلى فطامه، فلو قيل بهذا لكان جيدًا، لكن تعليقه بالفطام أصح من حيث المعنى؛ لأنه إذا فطم فلن يتغذى باللبن، وليس معنى قولنا: "لا يتغذى باللبن" أنه لا يستفيد منه، فإن الإنسان يستفيد من اللبن حتى ولو كان له خمسون سنة، لكنه ليس غذاء له إذا فطم.
فإن قال قائل: ما الجواب عن إطلاق الآية وعن قصة سالم؟
فنقول: أما إطلاق الآية فقد ذكرنا أنها مقيدة بعدد خمس
(١) رواه الترمذي، كتاب الرضاع، باب ما ذكر أن الرضاعة لا تحرم في الصغر دون الحولين، حديث رقم (١١٥٢)؛ والنسائي في الكبرى، كتاب النكاح، باب الرضاعة بعد الفطام قبل الحولين، حديث رقم (٥٤٦٥).