للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الأول: يوافق ما قلت، من أنه لا بد من مراعاة التبني.

والقول الثاني: يعتبر الحاجة، وأنه متى ما احتيج إلى إرضاع الكبير رضع، وثبت حكم الرضاع، ولكن قوله هذا ضعيف كقول الذين يرون رضاع الكبير؛ وقد قلنا: إن هذا القول ضعيف؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إياكم والدخول على النساء! " فقالوا: يا رسول الله! أرأيت الحمو؟ - والحمو أخو الزوج أو عمه أو خاله؛ أو ما أشبه ذلك - قال: "الحمو الموت" (١)، ومعلوم أن الحمو يحتاج إلى الدخول إلى بيت أخيه، لا سيما إذا كانوا في بيت واحد، فلو كان إرضاع الكبير مؤثرًا لقال: الحمو ترضعه زوجة قريبه؛ ليزول الحرج، فلما لم يقل ذلك، علم أن مطلق الحاجة لا يؤثر في ثبوت حكم الرضاع في الكبير، وأنه لا بد أن تكون حاجة خاصة نمشي فيها على كل ما حصل في قضية سالم مولى أبي حذيفة.

وإذا اعتبرنا ذلك صارت هذه الحالة الآن غير موجودة، وبهذا تسلم الأدلة من التعارض، ويحصل الجمع بينها.

مسألة: هل لا بد من مباشرة الإرضاع، بحيث لو صب اللبن في إناء وشربه الطفل فإنه لا يؤثر، أم ليس ذلك بلازم؟

نقول: ليس من الشرط أن يلتقم الثدي، بل لو صب في إناء وشربه، وفرق له ذلك خمس مرات، ثبت الحكم؛ لأن المعنى موجود في هذا كما هو موجود في التقام الثدي، هذا من حيث تغذي الطفل باللبن، لكن يفقد منها الحنان، والمحبة، فإن الرضيع إذا كان يلتقم الثدي حصل من حنان المرضعة ومحبتها له


(١) رواه البخاري، كتاب النكاح، باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول على النساء (٥٢٣٢)؛ ورواه مسلم، كتاب السلام، باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها (٢١٧٢) عن عقبة بن عامر.

<<  <  ج: ص:  >  >>