ومعنى قوله:{وَأُحِلَّ} بمعنى: أباح لكم، ولم يلحقكم حرج، {مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} أي: ما وراء هذه المذكورات، فالإشارة لما سبق، وقوله:{ذَلِكُمْ} هذه هي اللغة الفصحى، فإذا جاء اسم الإشارة مقرونًا بكاف الخطاب فيراعى فيه المخاطب، فإن كان مفردًا مذكرًا فهو مفرد مفتوح، مثل:"ذلكَ"، وإن كان مفردًا مؤنثًا فهو مفرد مكسور، مثل "ذلكِ"، وإن كان مثنى فهو بالتثنية مثل:{ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي}[يوسف: ٣٧]، وإن كان لجماعة الذكور فهو لجماعة الذكور {ذَلِكُمْ}، وإن كان لجماعة الإناث فهو لجماعة الإناث "ذلكن"{قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ}[يوسف: ٣٢]، وهنا قال:{مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} فالخطاب لجماعة الذكور.
وجاء فيه لغة أخرى بالإفراد والفتح للمذكر مطلقًا، مفردًا كان أو مثنى أو جمعًا، وبالكسر للمؤنث مطلقًا، مفردًا كان أو مثنى أو جمعًا، وهناك لغة ثالثة بالفتح مطلقًا، ووجهها: أن المخاطب شخص، فصح أن تأتي بلفظ الإفراد والتذكير، وأما الثانية فوجهها: مراعاة المعنى دون مراعاة المخاطب، فالمذكر مفتوح، والمؤنث مكسور، وأما اللغة الفصحى فالأمر فيها واضح.
وقوله تعالى:{أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ}: {أَنْ} مصدرية، ولهذا نصب الفعل {تَبْتَغُوا} بها فحذفت النون، والمعنى: أحل لكم بهذا الشرط، وهو أن تبتغوا بأموالكم؛ أي: تطلبوا النكاح بأموالكم، والمال: كل ما يُتَمَّول من أعيان ومنافع.
وقوله:{مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}{مُحْصِنِينَ} حال من فاعل {تَبْتَغُوا}؛ أي: حال كونكم محصنين؛ أي: محصنين لفروجكم،