محصنين لفروج زوجاتكم، والإحصان في اللغة: المنع، ومنه سمي "الحصن" للقصر المنيع؛ لأنه يحصن ما فيه، والنكاح الشرعي سبب لمنع الزنا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج "(١).
وقوله:{غَيْرَ مُسَافِحِينَ} المسافحة: مفاعلة من السفح، وهو: الزنا. وسمي الزنا سفاحًا؛ لأن المقصود به سفح الماء؛ أي: نيل الشهوة، فالزاني لا يريد أولادًا، ولا يريد العشرة، وإنما يريد أن يسفح هذا الماء الذي ضيق عليه حتى تبرد شهوته، والسفح في الأصل: هو الصب والدفق، قال الله تعالى:{إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا}[الأنعام: ١٤٥].
وقوله:{فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ} أي: بالعقد {مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} أي: أعطوهن أجورهن، والأجور هنا: جمع أجر وهو المهر؛ أي: المال الذي طلبتموهن به، والمعنى: فإذا ابتغيتم بأموالكم وعقدتم النكاح؛ فأعطوهن أجورهن، وسمي المهر أجرًا؛ لأنه في مقابلة منفعة، فهو كالرجل يستأجر أجيرًا ليبني له بيتًا فيعطيه أجره، وكذلك الزوج مع زوجته، وسيأتي - إن شاء الله - التنبيه على شيء من النكتة في قوله:{أُجُورَهُنَّ} عند ذكر الفوائد.
وقوله:{فَرِيضَةً} أي: حال كونها - أي: الأجور - {فَرِيضَةً}، بمعنى: مفروضة؛ أي: ما فرضتم من المهور فأعطوهن.
(١) رواه البخاري، كتاب الصوم، باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة، حديث رقم (١٨٠٦)؛ ومسلم، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، حديث رقم (١٤٠٠) عن ابن مسعود.