بأن المراد نُكِحن فأحصن فروجهن بهذا النكاح، والصواب أنهما بمعنى واحد، وكونها بمعنى أسلمن بعيد؛ لأن السياق هنا في سياق الفتيات المؤمنات في قوله:{مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ}، والمؤمنة مسلمة.
هذا شرط داخل في شرط:{فَإِذَا أُحْصِنَّ}: هذا الشرط الأول، وقوله:{فَإِنْ أَتَيْنَ}: هذا الشرط الثاني، {فَعَلَيْهِنَّ}: جواب الشرط الثاني، فهو شرط في شرط، يعني إذا أحصنت الأمة وأتت بفاحشة فعليها نصف ما على المحصنات من العذاب.
وقوله:{الْمُحْصَنَاتِ}: الحرائر، ولا يصح أن يقال: فإذا أُحصن فعليهن نصف ما على المحصنات من الإماء، فهذا لا يستقيم، ولكن معنى {نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ} أي: الحرائر.
قوله:"من العذاب" والعذاب هو الحد، قال الله تبارك وتعالى:{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ}[النور: ٨]، وقال سبحانه: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢)} [النور: ٢]، فيكون المراد بالعذاب هنا الحد، والحد للمحصنة الحرة هو الرجم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم الغامدية، وإن كانت الحرة غير محصنة فهو الجلد، لقوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}، والحد للمحصنة الذي يمكن أن يتنصف في حق الأمة هو الجلد. أما الرجم فلا يتنصف؛ لأن الرجم يحصل به الموت والموت لا يتنصف، فيكون المراد بنصف العذاب خمسين جلدة.