للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها ولا يثرب عليها، ثم إن زنت فليجلدها ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل من شعر" (١)؛ أي: ولو بحبل، فقال: "فليجلدها" وأطلق، فعلى هذا إذا زنت قبل أن تحصن وجبت عقوبتها بالجلد الذي ليس بحد، وهذا القول هو الصحيح: فإذا تزوجت فعليها نصف ما على الحرة وهو خمسون جلدة، ولا يمكن أن نقول عليها نصف الرجم لأنه لا يتبعض، وإذا لم تحصن فإنه يجب جلدها تعزيرًا لها؛ لأننا لو تركناها فهو مشكل أيضًا.

وأما القول بأنها إذا زنت قبل الإحصان فإنها تحد حدًا كاملًا، فهذا قول ضعيف بلا شك؛ لأن علة التنصيف هو الإحصان؛ أي: التزوج، فإذا زالت العلة زال الحكم.

ثم قال الله تعالى في بيان شروط نكاح الأمة: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ}:

{ذَلِكَ}: المشار إليه الحكم المذكور وهو جواز نكاح الإماء، {لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} الجار والمجرور متعلق بخبر المبتدأ {ذَلِكَ}، والخبر محذوف والتقدير ثابت أو كائن.

{خَشِيَ} أي: خاف، والخشية والخوف يترادفان، فيحل أحدهما مكان الآخر، لكنهم فرقوا بينهما بأن الخشية إنما تكون عن علم، لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨]،


(١) رواه البخاري، كتاب البيوع، باب بيع العبد الزاني، حديث رقم (٢٠٤٥)؛ ومسلم، كتاب الحدود، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، حديث رقم (١٧٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>