للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبأن الخشية يكون سببها عظم المخشي وإن كان الخاشي عظيمًا، وأما الخوف فسببه ضعف الخائف وإن كان المخوف ضعيفًا، فهي أقوى وأشد، فقوله: {خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} أي: خافه خوفًا مؤكدًا.

والعنت: المشقة، ومنه قوله تعالى: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ} [التوبة: ١٢٨] أي: ما شق عليكم.

وقوله: {مِنْكُمْ}، بيان {لِمَنْ} في قوله: {لِمَنْ خَشِيَ}.

قوله: {وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ}: الجملة مبتدأ وخبر، لكن المبتدأ مؤول، فإن معنى {وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ} أي: وصبركم، ومثلها قوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: ١٨٤] أي: وصومكم خير لكم، فالمبتدأ هنا هو المصدر المؤول من أن والفعل.

وقوله: {تَصْبِرُوا} أي: تحبسوا أنفسكم؛ لأن الصبر هو الحبس، والمعنى تحبسوها عن نكاح الإماء حتى مع وجود الشرطين، وهما: عدم استطاعة الطول وخوف العنت.

{خَيْرٌ لَكُمْ} أي: من أن تنكحوا الفتيات، والخيرية هنا مطلقة، وإذا أطلق الله سبحانه الشيء صار عامًا؛ أي: خير لكم على كل حال، لكن إن عجز الإنسان عن الصبر فالأمر واسع.

قوله: {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: ختم الآية بهذين الإسمين الكريمين: "الغفور الرحيم" يشير إلى أنه يجب على الإنسان أن يتحرز في هذه المسألة احترازًا بالغًا لئلا يقع في الإثم، وأن الله سبحانه إنما أباح لنا ذلك من أجل أنه موصوف بهذين الوصفين اللذين دل عليهما الإسمان الكريمان، وهما المغفرة والرحمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>