للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد ذكر أهل العلم أن كلمة "الحد" وَهمٌ من الراوي، كأنه توهم أنه لا جلد إلا بحد، فقال: فليجلدها الحد.

ويدل لهذا أنه في الروايات الأخرى "فليجلدها" دون أن يقيد ذلك بالحد، وهذا هو ظاهر القرآن أنه لا حد عليها إلا إذا أحصنت، أما قبل ذلك فعقوبتها التعزير.

٢١ - أنه لا رجم على الأمة إذا زنت ولو بعد أن تتزوج، وجه ذلك: أن الرجم لا يتنصف، والله عزّ وجل قال: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}، ولهذا اشترط العلماء للرجم أن تكون الزانية حرة.

٢٢ - أن الأمة إذا زنت بعد الإحصان تغرب نصف سنة، لعموم قوله: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}، وهذا مبني على ثبوت التغريب للمرأة الحرة، وهو موضع خلاف بين العلماء، فإن من العلماء من يقول: التغريب إنما هو للرجل فقط دون المرأة، وعلل ذلك بأن تغريب المرأة إغراء لها بالمفسدة؛ لأنها إذا غربت انفردت عن أهلها ومن يراقبها، وصار لها من الشر أعظم مما لو كانت عند أهلها، وعلى هذا القول لا تغرب الأمة من باب أولى.

ثم على القول بأن الحرة تغرب كما هو ظاهر حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -: "البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام" (١)، يبقى النظر هل تغرب الأمة أو لا؟

إن أخذنا بعموم قوله: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} فإنها تغرب نصف سنة، وإن قلنا: بأن لدى الأمة مانعًا


(١) تقدم ص ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>