والذين قالوا إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ثلاث طوائف:
الطائفة الأولى: المرجئة، قالوا: لا يزيد ولا ينقص؛ لأن الأعمال الصالحة وغير الصالحة لا دخل لها في الإيمان, فالناس عندهم في الإيمان شيء واحد كالمشط، كما قال ابن القيم رحمه الله في النونية:
والناس في الإيمان شيء واحد ... كالمشط عند تماثل الأسنان
فالناس عندهم سواء.
فالإيمان عندهم مجرد التصديق والإقرار، حتى الشيطان عندهم مؤمن؛ لأنه مصدق، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله:
واسأل أبا الجن اللعين أتعرف الـ ... خلاق أم أصبحت ذا نكران
وأبو الجن اللعين يعرف الخلاق ويدعوه، يقول: رب أنظرني، ومع ذلك هو أكفر خلق الله.
الطائفة الثانية: الخوارج، وما أدراك ما الخوارج؟ أصحاب الأعمال الظاهرة وخراب القلوب الباطنة، الخوارج تقول: إذا فعل الإنسان كبيرة خرج من الإيمان, وأبيح دمه وماله؛ لأنه كافر مرتد، فعندهم أن الإيمان لا يزيد، فإما أن يوجد كله وإما أن يعدم كله، إن سلم الإنسان من الكبائر والإصرار على الصغائر وقام بالواجبات والمفروضات فمعه الإيمان كله، وإن أتى كبيرة واحدة انهدم الإيمان كله.
الطائفة الثالثة: المعتزلة، أشبهوا الخوارج من جهة أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، لكنهم لا يقولون بكفر فاعل الكبيرة، فهم يقولون: الإيمان لا يزيد ولا ينقص، فإما مؤمن كامل وإلا ليس بمؤمن ولا كافر.