للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففاعل الكبيرة عندهم ليس بمؤمنٍ ولا كافر؛ لأنهم نظروا بعين عوراء، فنظروا إلى أن معه أصل الإيمان فقالوا: ذهب عنه الإيمان بالكبيرة، ولكنه بقي معه أصل الإيمان, فلا نقول إنه كافر ولا نقول إنه مؤمن، بل نقول إنه في منزلة بين منزلتين.

والمنزلة ليس لها ذكر في القرآن والسنة، وهم الذين أحدثوها، قالوا: كما لو خرج رجل من مكة متجهًا إلى المدينة ووقف في أثناء الطريق، فليس من أهل مكة ولا المدينة، وهو في منزلة بين منزلتين، لكن اتفقوا مع الخوارج في أنه يكون مخلدًا في النار، فأحكامه في الآخرة كأحكامه عند الخوارج.

أما أهل السنة والجماعة - نسأل الله أن يثبتنا جميعًا على قولهم إلى الممات - فقالوا: الإيمان يزيد وينقص، والكفر درجات، والإنسان قد يكون معه خصال إيمان وخصال كفر، ولا يخرج فاعل الكبيرة من الإيمان, فلا نعطيه الإسم المطلق ولا نسلبه مطلق الإسم، بل نقول: معه إيمان ناقص، أو: هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، وهذا هو العدل والميزان, أن يوصف الإنسان بما يقتضيه عمله من إيمان أو كفر.

٣ - أن الصغائر تقع مكفرة باجتناب الكبائر؛ لقوله: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}؛ أي: فإن لم يجتنب الكبائر أخذ بالصغائر؛ لكن الكبائر والصغائر تحت المشيئة ما لم تكن كفرًا.

فالفائدة من قولهم يؤخذ بها أنه إذا اجتنب الكبائر جزمنا بأن الله كفر عنه الصغائر، وإذا لم يجتنب الكبائر فهو تحت المشيئة والخطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>