ولأننا نقول: الوضوء ثبت بمقتضى الدليل الشرعي، فلا يمكن أن ترتفع هذه الطهارة التي حصلت في الوضوء إلا بدليل شرعي، وليس هناك دليل يدل على أن خروج الدم من البدن أو غيره من النجاسات من غير السبيلين ناقض للوضوء، وعلى هذا فالرعاف ولو كثر، والجرح إذا كثر حتى نزف الدم منه لا يكون ناقضًا للوضوء.
ومنها: مس الذكر، وإن شئت فقل: مس الفرج، وفيه للعلماء أقوال: أنه ناقض مطلقًا، وأنه غير ناقض مطلقًا، والتفصيل، وهو الأظهر، وهذا هو مقتضى التعليل الذي علل به النبي - صلى الله عليه وسلم - عدم النقض، فإنه لما سئل عن الرجل يمس ذكره في الصلاة أعليه الوضوء، قال:"لا، إنما هو بضعة منك"(١) أي: جزء منك، فإذا مسه الإنسان بغير شهوة، فهو كما لو مس بقية أعضائه فليس عليه وضوء ولا إشكال في هذا، لكن إذا مسه لشهوة فهل الوضوء واجب، أو الوضوء مستحب؟
فيه قولان للعلماء: منهم من قال إنه مستحب؛ لأن الشهوة تثير البدن، ومنهم من قال: إنه واجب، والأحسن بل والأحوط أن يتوضأ.
ومنها أيضًا: مما اختلف فيه العلماء: تغسيل الميت، ومس المرأة، والقيء والصحيح في هذا أنه لا ينقض.
وعلى هذا فالنواقض التي نرى أنها ناقضة والتي دلت عليها النصوص عندنا هي: من البول، والغائط والريح، والنوم العميق،
(١) رواه النسائي، كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من ذلك (١/ ١٠١)؛ وابن حبان (١١٢٠)؛ والدارقطني (١/ ١٤٩) عن طلق بن علي.