للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨ - أنه لا بد مع المسح من القصد، لقوله: {فَتَيَمَّمُوا} {فَامْسَحُوا}، وعلى هذا فلو هبت الريح وحملت ترابًا ووقف الإنسان أمام الريح حتى ملأت وجهه من الغبار، ومسح وجهه، فقال بعض أهل العلم: إنه يجزئ، والأحوط أن لا يجزئ، وذلك لأن الله أمر بأن نقصد وجه الأرض، ونمسح منه.

١٩ - الحكمة في التشريع، ووجه ذلك: أن الله فرق بين طهارة الماء وطهارة التيمم، فطهارة الماء من الجنابة لا بد أن تعم جميع البدن، ومن الحدث الأصغر لا بد أن تعم الأعضاء الأربعة: الوجه، واليدين، والرأس، والرجلين.

أما طهارة التيمم فإنها لا تكون إلا في عضوين فقط، وهما: الوجه، واليدان، ولا فرق فيها بين الطهارتين الكبرى والصغرى، والحكمة من ذلك: أن الطهارة بالماء فيها تطهير حسي واضح، وطهارة التيمم فيها تطهير معنوي، وهو كمال التعبد والتذلل لله عزّ وجل، بحيث إن الإنسان يمسح بالتراب وجهه وكفيه، وهذا دليل على كمال التعبد.

٢٠ - وجوب الترتيب بين مسح الوجه في التيمم ومسح اليدين، بحيث يقدم الوجه، والدليل على هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أقبل على الصفا وقرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨]، "أبدأ بما بدأ الله به" (١)، وفي لفظ للنسائي رحمه الله: "ابدءوا بما بدأ الله به" (٢)، وإذا كان الله بدأ هنا بالوجوه، فإننا نبدأ بها، وهذه المسألة اختلف فيها العلماء:


(١) رواه مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث رقم (١٢١٨).
(٢) رواه النسائي، كتاب مناسك الحج، باب القول بعد ركعتي الطواف، =

<<  <  ج: ص:  >  >>