للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} "كان" فعل ماضٍ لكن لا يراد بها الزمن، فهي تدل على تحقق الإتصاف بما دل عليه خبرها بدون التقيد بزمن، ولهذا تكون: مسلوبة الزمان في هذا؛ لأننا لو قلنا: إنها دالة على الزمان لكانت العزة والحكمة قد انتهت وذهبت.

وقوله: {عَزِيزًا} العزيز قال العلماء: إن له ثلاثة معان:

الأول: عزة القدر.

الثاني: عزة القهر.

الثالث: عزة الإمتناع.

أما عزة القدر فمعناه: أنه ذو قدر عظيم لا يماثله شيء، وأما عزة القهر فمعناه: أنه الغالب القاهر لكل ذي جبروت، وأما عزة الإمتناع فمعناه: الممتنع عن كل عيب ونقص وسوء، ومنه قولهم: أرض عزاز، يعني: صلبة ممتنعة عن الرخاوة، وربما يحتمل معانٍ أخرى أيضًا، وكلها ثابتة لله، "وقل لله العزة جميعا".

وأما الحكيم فإنه مشتق من الحكمة وهي الإحكام والإتقان، ومن الحكم وهو القضاء والفصل، والله سبحانه حكيم ذو حكمة بالغة، وحكيم بمعنى: حاكم فاصل بين عباده، ترجع الأمور كلها إليه، كما قال تعالى: {أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} [الأنعام: ٦٢].

وليعلم أن حكم الله سبحانه ينقسم إلى حكم كوني قدري، وحكم شرعي ديني.

أما الحكم الكوني القدري: فمثل قوله تعالى عن أحد إخوة يوسف: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي}

<<  <  ج: ص:  >  >>